العمى عمى البصيره لا عمى البصر
العمى عمى البصيرة لا عمى البصر
تعريف البصيرة عند ابن القيم،قال ابن القيم رحمه الله،أولُ منازل العبودية،اليقظة،وهي،(انزعاج القلبِ لروعة الانتباه من رقدة الغافلين)فإذا صحَّت فكرتُه أوجبت له ،البصيرة، وهي(نورٌ يقذفه اللهُ في القلب)
ثم يقول،رحمه الله(والبصيرةُ تفجر المعرفة، وتنبت الفراسة،
وهي،نورٌ يقذِفه اللهُ في القلب، يفرِّق ما بين الحقِّ والباطل، والصادق والكاذب،و
هو مستبصرٌ في دِينه وعمله، وعمى الأبصار أهونُ مِن عمى البصائر،إذ ليس كلُّ مبصر بصيرًا، فكم من فاقد لعينِ البصر لكنَّ الله تعالى منَّ عليه بنورِ البصيرة، فيرى ما لا يراه المبصرُ بعين رأسه، وعمى البصيرة أشدُّ وأنكى من عمى البصر،قال تعالى﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾الحج،
فكثير مِمَّن لهم قلوب لا يعقلون ولا يفهمون ولا يعتبرون، وكثير مِمَّن لهم عيون لا يرَوْن إلا شخوصَ الأشياء، وقد عمِيَت قلوبُهم التي في صدورهم فلا بصيرةَ لهم،
يقول الألوسي،رحمه الله تعالى،أنه لا يُعتَبر بعمى الأبصار، وإنما يُعتَبَر بعمى القلوب،
ليس الأعمى من لا يرى، وإنما الأعمى هو الذي لا يشعر بالحق الذي يراه،ولا يتدبر الموعظة التي أمامه،فكم من بصير يرى بعينيه،ولكن قلبه لا يرى شيئًا،وكم من أعمى البصر ولكن قلبه يرى الحق،
كل أصحاب العقول وكل ذوي الأبصار يرون الحق فيتبعونه،
أما الذين طمس الله علي قلوبهم، فهم يسيرون بلا وعي أو إدراك،
يقول ابن كثير،رحمه الله،في تفسير هذه الآية(فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)أي،ليس العمى عمى البصر، وإنما العمى عمى البصيرة، وإن كانت القوة الباصرة سليمة،
ما الفرق بين البصر والبصيرة، يقول مجاهد،لكل عين أربع أعين، يعني لكل إنسان أربع أعين،عينان في رأسه لدنياه،وعينان في قلبه لآخرته، فإن عميت عينا رأسه، وأبصرت عينا قلبه، فلم يضره عماه شيئاً،وإن أبصرت عينا رأسه وعميت عينا قلبه،فلم ينفعه نظره شيئاً،
الذين طمس الله على قلوبهم يعرفون الحق ويحابون الباطل، يعلمون الحقيقة ويخفونها لمصالح شخصية ونزوات وقتية، ونزعات دنيوية، فيشهدون الزور ويعملون السوء، ويقترفون الإثم، مما يؤدي إلى انتشار الفساد،وظلم العباد،وفي الحقيقة أعمى البصيرة لا يلومنَّ إلا نفسه بعد ذلك﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ،فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ الملك،
لذلك البصر مختلف كليًّا عن البصيرة التي هي أساسها القلب، ولو كان الرجل أعمى وصلحت بصيرته، لما ضره ذلك شيئًا،
والذين يرون الحق في الدنيا ويتبعونه،سيرون الحق في الآخرة،
عن النبي صلى الله عليه وسلم،قال(إذا دخل أهل الجنة الجنة قال ،يقول الله تبارك وتعالى( تريدون شيئاً أزيدكم،فيقولون ألم تبيض وجوهنا،ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار،فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل )صحيح مسلم،ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾يونس،
النظر الحقيقي،الأجمل والأفضل لأصحاب البصيرة يوم القيامة،قال تعالى﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ،إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾القيامة،
قال تعالى﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ﴾الحجر،أي،المُتفرِّسين،
وروى الترمذي من حديث أبي سعيدٍ الخُدري عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ،نه قال(اتقوا فِراسةَ المؤمن،فإنه ينظُرُ بنورِ الله عز وجل، ثم قرَأ(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ﴾، والتوسّم،هي العلامة، فسُمِّي المتفرِّس متوسِّماً ،وعلى حسَب قوةِ البصيرة وضعفها تكون الفِراسة)
وعلى هذا فالبصيرةُ صفةٌ قلبية،وهي نور في القلب يرى به ما لا تراه العين،
ومن منَّ اللهُ تعالى ،عليه من الخلق بنعمة البصيرة أو البصر، فإنما هي مِن فيضِ الله تعالى وواسِع كرمِه وعطائه،
اللهم أنر بفضلك نور بصيرتنا،وأرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه،وأرنا الباطل باطلاً وأرزقنا اجتنابه،اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة.
hguln uln hgfwdvi gh hgfwv
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|