أكد المواطن إبراهيم بن عواض عسيري، والد فاطمة قتيلة مظلة مدرسة ثانوية الريش بمحايل، لـ"سبق" عدم رضاه عن الأحكام التي صدرت أمس الأول ضد عدد من المدانين بالتسبب في موت ابنته، والتي لم تشمل عددًا من المتهمين الأساسيين في القضية، مثل مدير التعليم السابق، ومديرة المدرسة، والمعلمة التي دفعت بالطالبات إلى المظلة رغم إشارتهن إلى سماع بعض الأصوات التي تصدر من المظلة قبل سقوطها.
وقال إنه سيعترض أيضًا على الحكم الصادر بصرف النظر عن مدير التعليم السابق، الذي اتهمته مديرة المدرسة في حينها بعدم استجابته لمطالبها بمعالجة وضع المظلة التي تشكِّل خطرًا على الطالبات ومنسوبات المدرسة. وأشار إلى أن الأحكام التي صدرت على بقية المدانين لا تتناسب مع الجرم الذي ارتكبوه، والذي أودى بحياة ابنته، وكاد يودي بحياة عدد من الطالبات الأخريات اللاتي تعرضن لإصابات مختلفة، إلا أن ابنته ذهبت ضحية إهمال وسوء تنفيذ.
وأوضح أن فاطمة آثرت أن تذهب مخلفة وراءها حزنًا عميقًا وجُرحًا غائرًا في قلوب الجميع، خاصة والديها وإخوتها وأهل قريتها.. أما أمها فلا تزال تعيش لحظة الفراق بعد أن قالت "غادرت ابنتي على قدميها إلى مدرستها لتعود جثة محمولة على الأكتاف".. هذه هي الأم، وهذا هو قلبها.. وقد ودعت ابنتها بداية اليوم الدراسي، ولم تكن تعلم أنها النظرة قبل الأخيرة؛ فالأخيرة كانت نظرتها لها وهي جثة هامدة. ولروعة فاطمة وأخلاقها كانت تلقب بـ"عسلة" نظير ما تتحلى به من صفات، يندر وجودها في غيرها، وأخذت من قريتها التي تمتاز بطهرها كل المعاني والخلال الحميدة، وكانت كالنحلة، لا تقع إلا على أطايب الزهر.. وكانت بلسمًا لكل من عرفها، فكيف بأمها وأشقائها ووالدها الذي كان يقطع الفيافي لجلب لقمة العيش لفاطمة وإخوتها؟.. لذا سيواصل مسيرته طلبًا لحق ابنته ودمها الذي بات شاهدًا على إهمال وفساد.
وتابع: ماتت شهيدة بإذن ربها، وعاشت قضيتها عامًا وأشهرًا عدة، قبل أن يسدل الستار عما آلت إليه، ولطالما تبادل الأطراف المعنيون في قتلها أصابع الاتهام إلا أن ذلك لم ولن يغير من الحقيقة شيئًا؛ ليوجه الأمير فيصل بن خالد أمير منطقة عسير؛ بصفته المسؤول الأول عن دم هذه البريئة، بتكوين لجنة عاجلة، وإحالة من يثبت تورطه في القضية إلى هيئة التحقيق والادعاء.. وقد كان ذلك. وقال الأمير فيصل في حينها مخاطبًا والد القتيلة إبراهيم بن عواض عسيري: "الحادثة وما تبعها محل اهتمام القيادة الرشيدة، وفي أيادٍ أمينة". لافتًا إلى أن جميع المتسببين في الحادثة تم إحالتهم لهيئة التحقيق والادعاء العام لاستجوابهم ومحاسبتهم.
عام كامل لم يهنأ فيه في نومه؛ فليس هناك أمر أمرّ من الظلم.. إنه والدها المغلوب على أمره، الذي بدا شاحب الوجه، نحيل الجسم؛ من جراء ما تجشمه من صعاب طيلة عام كامل وبضعة أشهر في محاولة للانتصار لابنته، وأخذ حقها من قاتلها. مواعيد طويلة، وتخلُّف عن الجلسات.. لم يكل ولم يلِن لإيمانه التام بأن الله قادر على نصرته وعونه، وأن الحق سينتصر.. لحظات ترقب وأمل عاشها أمس قبل أن يسمع الأحكام التي صدرت، والتي عصفت به مجددًا في ظل عدم قناعته؛ ليعلن مجددًا بداية رحلة جديدة للمطالبة بحق ابنته، وإيقاع أشد العقوبات على كل من كان وراء مقتل ابنته.
وبدوره، أكد المحامي أحمد آل وليد لـ"سبق" أن والد الشهيدة طلب منه تقديم لائحة اعتراضية على الحكم، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن صرف النظر عن مدير التعليم المعني بالقضية لا يعني براءته، وإنما ذلك يعود إلى عدم تحرير الدعوى العامة والخاصة، ولكن سيتم إعدادها وإعادة محاكمته. وأشار إلى أن القاضي لم ينظر في الدعوى ضد مديرة المدرسة ومعلمة الرياضيات معللاً ذلك بعدم الاختصاص المكاني، وطلب منهم التوجه إلى محايل لإقامة الدعوى؛ لأنها محل إقامتهما، وسنقوم بذلك.
وقال إن والد القتيلة أبدى عدم رضاه عن الأحكام، وسيتم تقديم لائحة اعتراضية عليها. وعاد ليؤكد أن الأحكام الصادرة لا تبرئ أحدًا من المتهمين الثلاثة المتبقين، وإنما تحتاج إلى بعض الإجراءات لإعادة محاكمتهم. مشيرًا إلى أنهم جميعًا متهمون، ولا يقلون شأنًا عمن حُكم عليهم بالسجن ودفع الدية.. ومؤكدًا أن القضية لا تزال قائمة.
وكانت "سبق" قد نشرت أمس الأحكام التي صدرت ضد عشرة مدانين، في الوقت الذي صُرف فيه النظر عن مدير التعليم المتهم في القضية.