06-21-2014, 04:28 AM
|
|
|
|
|
الاعمى
الأعمى
ينهض باكراً
يعيد ترتيب سريره
يعيد وسادته إلى مكانها
يقبل الوسادة الأخرى قبلة الصباح
يغسل وجهه ببطئ ويقف أمام المرآة
ثم يعد فطوره المتواضع
يلبس قميصه الأبيض
يرتدي معطفه الأسود
يمشط شعره الأبيض برفق
يعتمر قبعته الأنيقة
يرتدي نظارته السوداء
يأخذ عصاه و يخرج
يمشي بهدوء نحو الحديقة
تسمع وقع عصاه المتناغم
يجلس على كرسيه المعتاد
يخرج صورة من جيبه
يتحسسها!!!!!!!!!!!!!!!!!
يتلمس أطرافها بغاية الحذر
كطبيب يتحسس موضع الألم
يرفعها إلى أعلى
يشمها في نفس عميــــــــــق
يعانق الصورة في مشهد غرامي
ويطبع عليها قبلة من شفاهه المرتجفة
تحط حمامة بيضاء في حجره
وكأنها اعتادت لقاءه كل صباح
فيربت عليها في حنان
ويخرج كيس حبوب قد ابتاعه بالأمس
يصبه في يده ,وتتناول الحمامة وجبتها
وهو يمسح على ريشها برقة متناهية
ويده الأخرى ما تزال تعانق الصورة
وما تزال القبل والأحضان تترى
في منظر لا يمر على أحدٍ بسهولة
ثم تنحدر دموعه من خلف سواد نظارته
وتسيل على تجاعيد خدٍ قد إلفها
دموعٌ كأنها تعرف طريقها على تضاريس وجهه
لكن كان بكاءً صامتاً
حتى الحمامة لم تشعر به
يمسح دمعه باستمرار وفي حرص
ألا تنال تلك الصورة فتتلف منها شيئاً
وفجأة تعلو محياه ابتسامه دااااااافئة
ثم يتمتم بكلام ويبتسم مرة أخرى
وكأنه يتكلم مع أحدهم
يحرك يده ويتلمس في الهواء
ثم يبتسم بأجمل ابتسامة
ابتسامة لم تلوثها الأكدار
تتمسح الحمامة برداءة
وكأنه تشكره وتستأذنه بالرحيل
يرفعها بيده ثم يطلقها لتحلق حوله قليلاً وتمضي عنه
يعيد الصورة بحرص إلى محفظته العتيقة
يمسك عصاه و ينهض ويعود لبيته
كل صباح يعيد الكرة
وفي ذات صباح
جلس حيث يجلس دائما
جاءته الحمامة في موعدها
أخرج الصورة كعادته
وبدأ المشهد الحميمي
وعلى غير العادة,
أخذ يشد الصورة نحو صدره بقوة
ثم أسند ظهره إلى الكرسي ليستريح
ثم دب الهدوء في جسده الضعيف
بدأت الحمامة تتمسح به كالمعتاد
وتنتظر أن يرفعها ليطلقها في السماء
انتظرت و انتظرت و انتظرت
فطارت الى غصن شجرة قريبة
من هناك راقبت بقلق
عادت أليه مرة أخرى
لكنه لم يستقبلها كالعادة!
أخذت تحلق فوقه رأسه بسرعة
لعلها توقظه, لكنه لم يتحرك
حطت على يده الممسكة بالصورة
فسقطت الصورة على الأرض
طارت الحمامة مفجوعة تتخبط في السماء
علت وجهه نفس الابتسامة
وعلى وجهه تأرجحت الدمعة
في تناقض متناغم يصعب فك رموزه
كانت الصورة لفتاة جميلة
بجوارها فتى وسيم
يمسك بيدها و كلاهما يمعن النظر في الآخر
بنظرات تشتعل بالحياة
- ربما بكاها حتى فقد البصر
- ربما لم يعد يطق بعدها النظر
الحب جنون
الحب أعمى كما يقال!
لكن كهذا الحب؟محال! |
hghuln hghugn
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 07:58 AM
|