رجلٌ مسن , يمشي على ثلاث ..
عصاه لا تفارق يده و لولا حاله المُتعسرة
لـ أشترى كرسياً كهربائي !
يخرجُ من منزله .. يعرجُ في الطريق
كأنه سفينة قديمة تواجه أمواج البحر العاتية ..
يقطع الشارع تلو الآخر , يعبرُ الطرقات لـ" وحده
" قاصداً دكان الحي لـ يشتري الخبز له و لعائلته الصغيرة ..
لا يمد يديه مهما بلغت به الحاجة لـ أياً كان ,
من العفة الكُل يشاهد ابتسامته المفضوحة
فـ ابتسامته شاحبة و يدّعي أنه بخير ..
بعد كل تلك السنوات من الكفاح ,
و الظروف القاهرة لا زال يعرجُ لـ أجل تلك الفتيات ..
يحملُ ما يشتري و يعود من الطريق الذي جاء عبره ..
تارة يتوقف من شدة الألم في ركبتيه ,
و تارة يوشك أن يسقط و تسقط معه سنوات كفاحه ..
كل ما يعاني منه هو الفقر ,
و كل ما لا يحتمله هو الفقر !
و على هذه الحال إعتاد أن يفعل ...
في بعض الأحيان ( أحيان قليلة )
يصادفه أحد فاعلي الخير ..
و يُقسم بأنه لن يتحرك حتى يقلّه لـ منزله
/ لكنها أحيانٌ قليلة ..
أحيانٌ قليلة يشعرُ بأن هذا العالم لا زال يشعرُ به !
كبار سن كُثر هم على حالته ,
يعانون كما يعاني .. بل أكثر
كبار سن كُثر أفنوا أعمارهم لـ بناء هذه الأمة ,
لكن الأمة خذلتهم حتى أصبحت حالهم لا تطاق !
هم كثر .. ما بين البنايات الشاهقة التي نظن بأن
أهاليها يعيشون برفاهية /
تجد
كبار سن مرضى لا يجدون ما يتعالجون به ..
أعلمُ بأنهم لا
يريدون الكثير ..
يريدون فقط " الإهتمام " فـ جلّ حاجتهم ذلك !
يريدون ألا يسألوا الناس لـ إطعام فتياتهم العفيفات
الذي لم يُقدر لهن الزواج ..
يريدون أن يصبح بعضاً من العامة كالأبناء لهم ,
يقضون شيئاً من حاجاتهم العسيرة ..
هم كثر , و لن أطيل .. أولاً لا أريد إشغالكم ,
و ثانياً لأن حالي يُرثى لها
كلما تذكرتُ صورة ذلك الأعرج الذي توفي قبل سنوات
لافضاً أنفاسه الأخيرة في طريق فارغ
إلا من أمنياته الصغيرة
كونوا لهم أبناء يا رفاق