البعض يستيقظ كل يوم باحثاً عن أمل جديد وحياة أفضل، والبعض يستيقظ ليقاتل عن حياة آمن بتفاصيلها وأحب ما هي عليه، وبالتالي لا يريد أن يخسرها، والبعض يستيقظ، وهو لا يعرف أنّ هناك حياة أخرى غير التي يحياها، ربما أفضل بمقاييس معينة، وربما هي حياة حقيقية ينبغي عليه أن يجاهد من أجل معرفتها والوصول إليها!
أغلب من يقاتلون من أجل أن يحيوا، وأن يشعروا باستحقاقهم لحياتهم، يشعرون أنّ الحياة هي مشوار الطريق الواحد الذي لا عودة إليه، فلا الأيام التي ذهبت من الممكن أن تعود، ولا الأيام القادمة لديها صك ضمانة لتمنحك الأجمل من القادم، وتجنّبك مساوئ الطريق، ولذلك يقول شمس التبريزي "لا تقبل بحياة، لا تشعر فيها بالحياة"، وهي تفاصيل فلسفة حياة عريضة مختزلة في كلمات عليك أن تلململها إذا عشقت الحياة بطريقتك ولم تقبل أن تمنحك فتاتها لأنك تستحق النصيب الأكبر منها!
الحمدلله دائماً وأبداً أنا بخير، ثم ماذا تتوقف أمام هذه اللحظة التي تتنفس فيها العافية وتكتفي بها وهي في الواقع قد تقف على حدود أنك حيّ وهذه نعمة من رب العالمين أن تستيقظ كل يوم وأنت بخير، ولكن ماذا فعلت لتستكمل رحلة العافية؟ اكتفيت بالتنفس وتواءمت مع مفهوم أنك تحيا لأنك تتنفس فقط، مهمشاً أحلامك وأمانيك وتاريخاً طويلاً كنت ذات يوم قد كتبته بتفاصيل مستقبلية وليست آنية وتدثرت بهذا الحلم، واحتويته بين ضلوعك ولكن مرّ الوقت وبدأت تذوب داخل مفهوم اليوم هو الغد، والغد عندما يأتي هناك بعده، وما بين يوم مهمش ويوم آخر أكثر تهميشاً، ضاعت الأحلام التي رسمتها وهي في العادة لا يمكن أن تتجسد على أرض الواقع، وتمسك بها إلا إذا جاهدت من أجلها وحاربت، وكما يقول باولو كويلو "حارب من أجل أحلامك، وأحلامك سوف تحارب من أجلك"!
لا تُتاح الحياة الفعلية إلا للمقاتلين فقط، الذين عرفوا قواعد اللعبة وأجادوها بتجربة أو بتجارب متعددة، أو ظلوا متمسكين بذلك الخيط الرفيع من الوله بالحياة والأمل فيها، دون أن يدخلوا إلى دائرة اليأس المميت كلما شعروا بالاصطدام مع التفاصيل اليومية، وكلما ازدادت الضربات القاسية، وداهمهم الأسى والخوف، تنصلوا منها بسرعة وغادروا مهما كانت قسوة ما تعرضوا له حتى لا يسكنوا ما هو أسوأ وهو تجاهل الحياة المستحقة لهم، ومعرفة أن الأخطاء تحصل ولكن عليك أن تتعلم منها وذا هو الأهم، وبدونها كما يقول نيتشة لا يمكن أن تتعلم "فالأخطاء هي التي ربت الإنسان"!!
ومع ذلك تظل الحياة في حقيقة الأمر هي حرب ناعمة؛ ولكنها مستمرة ولا تتوقف حتى آخر يوم في العمر، وعليك أن تمتلك الحد الأدنى من الأسلحة التي يجب أن تحارب بها، وهي متنوعة ربما البعض لديه أسلحة الأمل وهذه تبقيه في أرض المعركة مهما كانت الخسائر متتالية، وأسلحة الحب وهي الأقوى التي تجعله سعيداً وهو يقاتل، وهي غير مرتبطة بعمر فالحب معناه شمولي، وأخيراً أسلحة خاصة لكل إنسان وهي أسلحة الفرز لما هو سيئ وأسوأ، وأخيراً أسلحة الإيمان والثقة بالله سبحانه وتعالى بأنك ينبغي أن تحيا بما يليق بك، لا بما يفرض عليك!!