والأنعام وما فيها من آيات وأبحاث ودراسات ومن فضل ومنافع فى ركوبها وفى أوبارها وأشعارها وجلودها وأصوافها وفى تنوعها واختلافها وما نأكله ونشربه من لبنها وهو الذى ينزل من بين فرثها ودمها أبيضاً سائغاً خالصاً للشاربين .
والنحل وعجائبه وتناوله للأزهار واحترازه من النجاسات والأقذار ومايخرج من لعابه من شمع وعسل أحدهما ضياء والآخر شفاء . وبيوته التى يبنيها فى الجبال بأشكال هندسية ومسدسة ليست مستطيلة ولا مستديرة أو مربعة لكى يمنع الزوايا
الفارغة والضائعة . وعدم تركه لبطال إلا وأبعدته وأقصْته عنها حتى لايضيّق المكان ويُفنِى العسل وحتى لايعلّم النشيط الكسل .
والرِكاب والركبان واختلافه وتطوره عبر القرون والأزمان وماخلق الله منها مما علمناه وما سيأتى مما لا نعلمه .
{ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً .. وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }
وخلْق الإنسان وما يحويه جسده من آيات
امتلأت بها الكتب والمجلدات وعجّت بها العلوم والدراسات .
وهذا العالم من البشر فى كل مكان وعبر القرون والأزمان وقد خلقهم الله من نفس واحدة ومن التراب والطين .
وخلقنا نحن من ماء مهين ومن اختلاط ماءين ( ماء المرأة وماء الرجل ) .
وصورنا الله فى الأرحام فأحسن صورنا وخلق الله لنا لبساً ولباساً لكى نوارى به أجسادنا وسوءاتنا ..
وميّز الله فى ألواننا وفى اختلاف ألسنتنا وفى اختلاف البصمات وتسوية البنان ..
قال عز وجل :
{ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ } ..
{ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ }
{ وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ }
.......
ملك وملكوت ليس فيه زلل أوخلل .. أمرٌ وحكمٌ وقهر .. إتقانٌ ونظامٌ وتدبيرٌ وإحكام .
آيات وآيات تعجز عن سردها العقول وتضيق بها كل النقول ..
كون واسع فسيح من الذى يطوّعه ويقهره ومن الذى بيده مقاليده ليحكمه ويدبّره وينظمه ويسيّره .
خلقٌ ليس له نظير .. خلقٌ خلقه العلى القدير ..
{ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء } .
{ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ } .
************************
قاعدة الوحدانية
************************
هل هناك من استطاع أن يخرج من ملك الله وملكوته . أو من أحدٍ أمكنه أن ينازع الله فى عزته وقدرته وجبروته .
هل هناك من سَمّى نفسه الله . هل هناك من خَلقَ خلقاً أوسيخلق خلقاً ليصير به نِدّا لله .
{ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ .. بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ }.
لقد تعالى الله فى عليائه وتعالى سبحانه بجلاله وعظيم سلطانه .
سبحانه وتعالى لايساهمه أحداً فى الخلق أو يساويه ولاينازعه أحداً فى الملك أو يناويه .
شهِد لنفسه وكفى به شهيداً بأنه هو الله لا إله غيره جلّ سبحانه عن مثَل يطاوله أو يشاكله أو ند أو نظير يقابله .
{ شَهِدَ اللَّهُ أَنهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ }
لو كان هناك إلهٌ أو آلهةٌ غير الله لتعددت الإرادات واختلفت المشيئات ولذهب كل إله بما خلق وتعالى عمن سواه هذا يريد
أن يأتى بالشمس من المشرق وهذا يريد أن يأتى بها من المغرب هذا يريد أن يجعلها تشرق وهذا يريدها أن تغرب هذا يريد
أن يُسْكِن المتحركات وهذا يريد أن يحرك الساكنات هذا يريد وهذا يريد فلا يستقيم الكون ولا تستقيم هذه الحياة .
{ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ }
سبحانه أزلىٌ بلا ابتداء وأبدىٌ بلا انتهاء ليس متناهياً بحد ولامتقدراً بصورة ولامتغيراً بصفة أومختصاً بجهة .
هو الغنى ونحن الفقراء إليه .. هو المُسْتغنى به ولا يُستغنى عنه .سبحانه لا تحوزه جهات ولا تحده صفات ..
أحاط بكل شىء علما ووسع فضله كل شىء رحمة وحلما .. { إِنهُ بِكُل ِّشَيْءٍ مُحِيطٌ }
سبحانه لا تمثله العيون بنواظرها ولا تتخيله القلوب بخواطرها .. ولا يحصره مكان ولايغيره مرور زمان .
العقول محجوبة عن درك حقيقته لأن العقول خُلقت للعبودية لا للبحث والإشراف على الألوهية ..
يقول جل شأنه { َولا تقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ }
استواء الله على عرشه وقبضته للسماوات والأرض وكرسيه ويده وعينه ووجهه الكريم وكل ما ضربه الله للناس من الأمثال فى كتابه فى صفاته ما هو إلا لكى يرتقى فهمهم لمراده .
قال جل ذكره { وَتلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلناسِ .. وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ }
سبحانه ليس من شىء ولا فى شىء ولا على شىء ..
لو كان من شىء لكان محدثاً مخلوقاً . ولو كان فى شىء لكان محيزاً محصوراً . ولو كان على شىء لكان محمولاً ..
تعالى الله عن كل ذلك علواً كبيرا ..
إنْ تجاوز الإنسان عبوديته فى نظره وتأمله من خلق الله وآياته إلى البحث عن ذاته فقد اقترف أَمراً إِمرا وتجاوز مجاوزةً جوراً وظلماً وكان عن العقل خارجاً وفى تيه الجهل والجاً .
وكما تعالى سبحانه عن المكان .. فقد تعالى سبحانه عن الزمان ..
يقول الله فى كتابه ومحكم آياته { وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْت قُلْت لِلناسِ اتخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْت قُلْتهُ ........}
هذا خطاب من الله إلى نبى الله المسيح عيسى عليه السلام فى يوم القيامة ولم تقم القيامة ويحشر الناس ولم تجمع الرسل ويحضر سيدنا
عيسى عليه السلام للسؤال ليقول ماقال .
وقال جل ذكره : { وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ }
هذا قول إبليس اللعين فى يوم الدين لمن أضلهم وسوّل لهم ولم يقف الناس بعد أمام الله للسؤال والحساب
ليقول الشيطان ما قاله وما سيقوله لهم ...
...
سبحانه كل شىء يرجع إلى إرادته وكل مافى الكون خاضع لمشيئته ..
بإرادته كل رشد وغى وبمشيئته كل نشر وطى وكل بيان فى وصف جلاله حصر وعىّ ..
سبحانه وتعالى لا يماثله أى موجود فهو البارى لكل ما فى الوجود .
الأفهام فى عز سلطانه معقولة والأوهام مقهورة والأفكار منطمسة والعلوم مندرسة والعقول مختلطة ملتبسة .
وإن المؤمن ليسعد بإيمانه ويشقى الكافر بجحوده ونكرانه ..
فالمؤمن يؤمن بالغيب وبما استأثره الله فى علمه .. وأما الكافر أو المشرك فلايؤمن إلا بما يصل إليه عقله وفكره .
فإنِ ارتدت أفقاً لاعلم لك به فقد جُبْت بحراً لامنجى لك منه ولقد عمِيت من حيث أبصرت وجهلت من حيث استبصرت
ولسوف تنأى عن اليقين والإيمان وتسبح فى ظلمات الشك والريب والخسران .