.
إليكم قصة
إسلام أبي
العاص زوج
زينب بنت
النبي :
أيها الأخوة, حتى كان العام السادس من الهجرة إلى أن وقع أبو
العاص في أسر الصحابة, بعد أن تعرَّضت قافلته بسبعين ومئة من الصحابة، فأخذوا قافلته، وأسروا أناساً كثيرين منهم أبو العاص، فجاؤوا بهم إلى المدينة .
أبو
العاص له تجارة من الشام إلى مكة، خرج مئة وسبعون من الصحابة الكرام, طبعاً في حالة حرب بينهما, أسروا هذه القافلة، وأخذوها إلى
النبي عليه الصلاة والسلام، لكن أبا
العاص فر منهم، واستجار بزوجته
زينب .
طبعاً دخلت زينب، أطلَّت برأسها من إحدى حُجَر
النبي على أصحاب رسول الله, وفيهم
النبي يصلي فيهم، وقالت:
((إني أجرت أبا العاص، فقال
النبي عليه الصلاة والسلام: أنا أسمع معكم -ليس هناك اتفاق بينهم- والنبي عليه الصلاة والسلام أمضى جوار ابنته
زينب لأبي
العاص .
-الصحابة أقنعوه, إذا أسلمت, هذه القافلة الكبيرة جداً, تصبح غنائم حرب، هي لقريش، الأموال أموال استثمار, إن صحَّ التعبير, فهذه أموال قريش- فقالوا: إذا أسلمت تنقلب هذه البضاعة كلها غنائم، -فقال أبو
العاص كلمة رائعة- قال: والله ما أبدأ إسلامي بهذا، فقال عليه الصلاة والسلام: إن هذا الرجل منا قد علمتم أصبتم له مالا، فإن تحسنوا وتردوا عليه الذي له فإنا نحب ذلك, وإن أبيتم, فهو فيء الله الذي أفاءه عليكم, فأنتم أحق به, فقالوا: يا رسول الله, بل نرده عليه، فردوه عليه .
حتى إن الرجل ليأتي بالدلو، ويأتي الرجل بالشَنَّةِ, -وهو السقاء البالي- رجعت له كل أمواله، ثم حمل هذا إلى مكة, فأدى إلى كل ذي حقٍ حقه, ومن كان أبضع معه بضاعةً, أعطاه بضاعته، والذي أعطاه بضاعةً أعطاه بضاعةً, ثم قال: يا معشر قريش, هل بقي لأحدٍ منكم عندي مال لم يأخذه؟ قالوا: لا, فجزاك الله خيراً، فقد وجدناك وفياً كريماً، قال: إذاً: فأنا أشهد أنه لا إله إلا الله, وأن محمداً عبده ورسوله .
-متى وقَّت إسلامه؟ بعد أن ردَّ الأموال إلى أصحابها, أعلن إسلامه، لمَ أعلن إسلامه؟ لأنه تلَّقى من عمه معاملة طيبة جداً- .
قال: والله ما منعني من أن أسلم, وأنا عنده, إلا مخافة أن تظنوا, إنما أردت أن آكل أموالكم، فلما أدَّها الله إليكم, وفرغت منها, أسلمت .
ثم خرج حتى قدم على
النبي صلى الله عليه وسلَّم، وكان ذلك سنة سبعٍ، فاستقبله عليه الصلاة والسلام استقبال المهاجرين إلى الله تعالى ورسوله، وردَّ عليه صلى الله عليه وسلَّم
زينب على النكاح الأول، لم يحدث شيئاً من شرطٍ أو غيره, -هي زوجته وهو زوجها, وانتهى الأمر .
قصَّة مؤثرة جداً، فيها أحكام، فيها كمال، فيها وفاء، فيها رحمة, فيها إحسان، فيها عواطف زوجيَّة، فيها عواطف أسرية، فيها موقف عم, موقف أب، موقف زوج، موقف زوجة-.
وبهذا تحقَّق للسيدة
زينب رجاؤها بإسلام زوجها أبو
العاص بن الربيع، ويعود الحبيبان الكريمان إلى الحياة الزوجيَّة الآمنة المطمئنة، ويجتمع الشمل بعد فراقٍ طويل))
لذلك قالوا:
((مِنْ أَفْضَلِ الشَّفَاعَةِ أَنْ يُشَفَّعَ بَيْنَ الاثْنَيْنِ فِي النِّكَاحِ))
وأنا أقول لكم: لا يقل عن هذا العمل, أن تشفع بين اثنين في نكاح، وأن توفِّق بين زوجين بينهما مشكلة، بينهما قطيعة، بينهما بغضاء، بينهما عداوة، إذا وفَّقت بين الزوجين أسعدتهما ، وأسعدت أولادهما، لذلك هذا الذي ينسحب من كل عمل صالح, إنسان ما عرف سرَّ وجوده .
مرَّة قلت لكم: أحد أخواننا الكرام, شكا زوجته إلى أخيها، فقال له: طلِّقها, كلمة واحدة، الله عزَّ وجل قال:
﴿إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا﴾
[سورة النساء الآية: 35]
إنّ الله عزَّ وجل يريد الإصلاح، يريد التوفيق, لذلك الآية الكريمة الدقيقة:
﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾
[سورة الأنفال الآية: 1]
المؤمن أحد أهم أعماله؛ أنه يصلح دائماً بين المتخاصمين، ولاسيما إذا كانا زوجين