الخلاف وارد جدًا بين الناس أجمعين، فهذه سنة كونيّة، كلنا مختلفون عن بعضنا البعض في التفكير والتعامل وردة فعلنا تجاه المواقف الحياتيّة المختلفة، وإذا أردنا التحدث عن خلافات الأزواج فحدّث ولا حرج، لذلك من الضروري أن نبث ثقافة الحل الوسط بين الأزواج؛ لتفادي الكثير من الخلافات التي تدمر الأسر والبيوت العامرة.
بداية، أتت كلمة الحل الوسط عند اللغويين على معنييْن؛ الأول هو المادي: أي الشيء وسطه وله طرفان، والثاني المعنوي: وهو الشيء أفضله وأخيره وأعدله وأجوده، أما معناها اصطلاحًا؛ فهو السلوك المحمود الذي يعصم صاحبه من الانزلاق إلى طرفين متقابلين أو متفاوتين يتجاذبهما الإفراط والتفريط، وهذه ما نقصده هنا.
والطريقة المُثلى لتعاملنا مع خلافتنا الزوجيّة؛ من خلال الكاتب والمستشار الأسري مروان السليماني، الذي يرى أن فكرة الوصول للحل يجب أن تكون هي شغلنا الشاغل وليست فكرة انتصاري لرأيي. ينصحنا الأستاذ مروان بصفات من الواجب الإلمام بها؛ من أجل اكتسابنا هذه الصفات إن لم نكن نتحلى بها.
- الحوار: عندما يدور حوار ما بين الزوجين، عن أمور البيت والأولاد والمسائل الماليّة، يجب أن يتم التحدث عن الأفكار المطروحة بعيدًا عن العاطفة؛ من أجل الاعتدال في الحوار، وعدم خوض حوار ينقلب إلى حرب كلامية في نهاية المطاف، وذلك يعتمد على الزوجين وقبولهما، ومدى اختيارهما للوقت المناسب، ومستوى إدراكهما ووعيهما لإدارة دفة الحوار. - حسن الظن: من المهم جدًا حُسن الظن في الشريك الآخر؛ بأنّه هو أيضًا يريد مصلحة الأسرة والبيت والأولاد في أيِّ اختلاف يحول بين الزوجين للتفاهم، فسوء الظن يتحول لعائق وسدّ منيع، وهذا يؤدي لتباعد وجهات النظر، وعيش كلا الطرفين في عالم منعزل عن الآخر. - لين الجانب والسهولة والمدارة: «ما كان الرفق في شيء إلا زانه»، فالترفق بالآخر الذي يشاركك سقف بيتٍ واحد، هو من الأمور المهمة التي تنهار أمامها أصعب الخلافات، فمن منا لا يحب أن يبقى مع شريكٍ يقدّره ويحتويه، بل بوجود هذا الشريك يصبح الشريك الآخر يتنازل تحببًا وليس تعسفًا. - البعد عن التفكير العاطفي السلبي: عندما نقول: «تفكير عاطفي سلبي»؛ نعني به التصرف وأخذ قراراتنا بناءً على قرار عاطفي بحت، ضرره أكثر من نفعه، مثلا: «كالصرف على شراء سيارة للابن وهو بمرحلة عمرية صغيرة، أو السماح للابنة بالخروج مع صديقاتها لوقت متأخر من الليل»؛ حتى لا يكونوا أقلّ من غيرهم. - تحديد الأولويات: كل شخص تختلف أولوياته عن الآخر، يجب أن نضع ذلك في الحسبان، لذلك يجب التفاهم والاتفاق بين الزوجين على ورقة عمل يتم تحديد الأولويات فيها. - وضع البدائل والخيارات الأخرى المتاحة: عند وضع ورقة العمل تلك، يجب أن نضع خططًا بديلة للأولويات التي اقترحناها «كما يقال خطة b خطة c» وهكذا، تكون بمثابة شيء يرجع إليه الزوجان عند حدوث الظروف الطارئة والمتغيرة. - نشر ونقل ثقافة الحلول الوسط بين أفراد الأسرة ومن الصغر، ثم بثها وسط العائلة ثم المجتمع: أهميّة نشر ثقافة وفكرة الحل الوسط والتحلي بها لا تقتصر فقط على التعامل بين الزوجين، بل هي مهمة لبناء المجتمعات؛ فالأفكار المشتركة وتبادل الآراء، ينتج عنه أفكار مبدعة، وخلافات ومشاحنات أقل.