.
السيدة
خديجة كانت وزيرة صدقٍ للنبي الكريم :
أخواننا الكرام ، أقول لكم كلاماً دقيقاً : مرةً لي صديق له أخٌ توفي فجأةً ، هو في نزهة ، في بلد جميل جداً ، بالفندق أصيب بسكتة دماغية ، سألته في الطريق : كم عمره ؟ قال : خمسة وخمسين عاماً ، ليس كبيراً جداً في السن ، كم ترك من الأموال ؟ أكثر من أربعة آلاف مليون ، مبلغ ضخم ، ماذا كان يأكل ؟ مثلنا تماماً ، فهذا الذي تركه ما قيمته بعد الموت ؟ صفر ، كم كان من الممكن أن يفعل بهذا المبلغ الضخم ؟ كم من مستشفى يؤسس ؟ كم من مستوصف ؟ كم دار أيتام ؟ كم معهد علم شرعي ؟ كم من إنسان يجعله يدرس على نفقته ؟
أنا كنت أقول لكم أيها الأخوة : إما أن تكون داعيةً ، وإما أن تتبنى داعية ـ كلام دقيق وطيِّب ـ وهي صنعة الأنبياء ، وإما أن تتبنى داعيةً ، فإذا أنفقت من مالك على طالب علم شرعي مخلص مستقيم ، كي تحميه من بذل ماء وجهه للناس ، من عملٍ مهين ، أنفقت عليه ، وطلب العلم بهدوء وبراحة نفسية ، وصار داعية ، كل دعوته في صحيفتك .
سمعت مرةً قصة أبٍ عنده بنتٌ وابن ، يبدو أن الأب فقير ، وهذه البنت تعمل في الخياطة ، فكانت تعمل ليلاً نهاراً لتنفق على أخيها ، أخوها صار طبيباً ، فالأب أوصى الطبيب أنه لولا أختك ، وعملها ليلاً نهاراً ، وكسبها المال ، وإنفاقه عليك لما كنت طبيباً ، لذلك أوصيك أن تجمع دخلك ، ودخلها مدى الحياة ، ويقسَّم إلى نصفين ، ويأخذ كل طرفٍ نصف الدَخلين معاً ، كلام عدل ، لولا أخته لما كان بهذا المنصب .
أنت كم تستطيع أن تفعل بالمال الزائد ؟ أحياناً تدفع لإنسان ألف أو ألفين تحل له مشكلة كبيرة جداً ، ذكر لي أحد العلماء عن طالب علم ، خطب ، وعقد قرانه ويؤسس البيت ، وصل لمبلغ بسيط بضع آلاف ، فقال أحد أخواننا الدعاة : والله هذا طلبه مني ، وأنا تمكنت أن أؤمنه له ، فلما أبلغته أن المبلغ جاهز فوجئت أنه خر على الأرض ساجداً لله ، شكراً لله على نعمة تأمين هذا المبلغ ، أنت لا تعرف بإنفاق عشرة ، خمسة آلاف ، ثلاثة آلاف ، على طالب علم كم تسعده ؟ أما هذا الذي ينفق ستين مليون في عقد قرانه ، أنت ألا تشعر أن هذا الإنسان يتلف المال ؟
السيدة خديجة إذاً أنفقت مالها على رسول الله .
عن ابن عباسٍ رضي الله عنه أن
السيدة خديجة بنت خويلد ، أول من آمنت بالله ورسوله ، وأول من صدَّق محمداً فيما جاء به عن ربه ، وأول من آزره على أمره ـ الآن دققوا ـ فكان لا يسمع من المشركين شيئاً يكرهه من ردٍ عليه وتكذيبٍ له ، إلا فرَّج الله بها عنه ، " يقول لها : هكذا قالوا ، هكذا كذبوني ، هكذا فعلوا ، هكذا سخروا ، هكذا ردّوا ، هكذا عارضوا ، هي في البيت تثبته ، وتصبره ، وتشد من عزيمته ، وتخفف عنه ، وتهون عليه ما يلقى من قومه .
مرة ثانية :"
كانت رضي الله عنها
وزيرة صدقٍ للنبي صلى الله عليه وسلم وكان يسكن إليها " .