02-03-2017, 02:16 AM
|
|
|
|
وقفه تربويه.. مفهوم الجار في الشريعة الإسلامية.
■ وقفة تربوية مع معاناة مجتمعية منتشرة.
كم من رجلٍ هَجر بيته وكره الحيَّ الذي فيه كله ضجرًا وتعبًا من جاره وأسلوب عجرَفَته وتماديه في إيذائه.
كم من بيتٍ بِيعَ بنصف ثمنه فرارًا من الجار ذي الأخلاق السيئة.
كم من جارٍ كان سببًا لضيقٍ وهمٍّ وحزن، وكان بابًا من أبواب الشقاء بدل السعادة.
■ واقعنا المرُّ.
كم تحتاج أمَّتنا اليوم لنموذج من الجار المسلم الذي يتعبَّد ربَّه بالإحسان لجاره، فإن لم يستطع الإحسانَ كفَّ على الأقل أذاه، فلا يؤذيه ولا يخذله، ولا يضَع حاجياته أمامَ بيته، ولا يهضم حقَّه، ولا يُقلِقه حين دخوله وخروجه وعند نومه.
جار حين تَراه تكاد تقبِّل يدَه ورأسه؛ من طِيب خلقه، وحُسن تربيته، وجمال روحه.
جار حين ترى سلوكَه وجميل خلقه يَسكن قلبك، فتظلُّ تذكره في دعائك.
وتتشرَّف به وتفخر بجواره بقولك : طبتَ والله وطاب مَمشاك، وتبوَّأتَ من الجنَّة منزلًا، فما زالت الدنيا بخير طالما أنَّ فيها أمثالكم.
■ مفهوم الجار الصالح في الإسلام.
إنَّ مفهوم الجار الصالح ومدى عظمته وأهميَّته لَهو من أخطر المفاهيم التي غَفل عنها كثير جدًّا من المسلمين.
إنَّ مفهوم الجار الصالح هو مفهوم تربويٌّ خُلقي، ومدخل من مداخل السعادة إلى قلوب جيرانه.
إنَّ مفهوم الجار الصالح لهو مَفهوم ذو إشارات تربويَّة ودلالات واضحة على مدى فهمه لدينه وتربيته وسلوكه.
■ مفهوم إكرام الجار.
إنَّ إكرام الجار مَفهوم بالفعل ضائع بين المسلمين؛ بل إنَّ الأمر الذي يلفِتُ النَّظر في الأحاديث النبويَّة الشريفة أنَّ النَّبي عليه الصلاة والسلام ربط الإيمانَ كلَّه بإكرام الجار، بل نفى الإيمانَ عن الذي لا يَأمنُ جارُه أذاه، ممَّا يؤكِّد العلاقة الوثيقة والخطيرة بين خُلق إكرامِ الجار والإيمان، وأنَّها علاقةٌ وشيجة، هامَّة قويَّة، يجب أن تكون متينة بل هي علاقة ترابطيَّة؛ بحيث إذا ماتَت هذه الفضيلة - فضيلة إكرام الجار، التي أقلها عدم إيذائه - مات معها الإيمانُ عن صاحبه.
■ لَفتة إنسانية سريعة.
إذا كان عدَم إيذاء الجار يُعدُّ قيمة أخلاقيَّة إسلاميَّة نبوية جميلة، فما بالك بالإحسان إليه ؟
■ الجار في القيم الإسلامية.
للجار على الجار في القِيم الإسلاميَّة حقوق كبيرة.
للجار على الجار في الآداب الشرعيَّة حقوقٌ تُشبه حقوقَ الأرحام؛ وهو الشيء الذي يَلفِتُ النَّظر.
من هذه الحقوق : المواصلة بالزِّيارة، والتهادي - أن يُهدي كلٌّ منهم إلى الآخر هديَّةً تعبيرًا عن المودَّة - والعيادة حين المرض، والمواساة حين المصيبة، والمعونة حين الحاجة.
وإذا كان للجار حقوق قد خصَّها الشرع وأمر بها وحثَّ عليها لدرجةٍ تُشبه حقوق الأرحام، فإنَّه ومن باب أولى أن يكون الحق الأكبر هو دَفع الأذى عنه؛ فهو مُقدَّم على تقديم النَّفع من التهادي والزيارة وغيرها.
■ مظاهر من إيذاء الجار.
♦ إغلاق الأبواب وفتحها بصوت وضجيج عالى جدا يحدث ضجة ورجّة فى العمارة.
♦ تعلية أصوات أَجهزة التلفزيون وغيرها؛ بما يُزعج الجار ويَحرِمه من النَّوم، ويضير أعصابه، ويقلِق منامه.
♦ وضع بعض من حاجيات منزله أمام أو بجوار باب بيت جاره، وتركه المكان فارغًا أمام داره وبابه.
♦ استغلال تديُّن الجار وطِيبته، وإيثاره السَّلامةَ، وحسن خُلقه وكبر سنِّه، أو مرضه وتغاضيه عن الإساءات - في تمادي الآخر في سُوء خُلقه وخروجه عن الأدب.
♦ عدم تفقد الجار الصحيح للجار المريض والمحتاج والعاجز.
♦ عدم إفساح المكان بما يسهِّل المرور، ويأتي بالسرور، ويُريح النفوس.
♦ عدم احترام الجار الصَّغير للجار الكبير.
■ تحذير نبوي شديد.
((من آذى جارَه فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى اللهَ، ومن حارَب جارَه فقد حاربني، ومن حاربني فقد حارب الله)) ؛ (رواه أبو نعيم).
يقول د. راتب النابلسي : لأنَّك أنت حينما تؤذي الجار أنت تُسقِطُ عباداتك كلها، وتؤكِّد للناس أنَّ الدِّين كلامٌ فارغ، وأنَّ الدين رابطةٌ واهية؛ الدِّينُ معاملة، الدِّين تضحية، الدِّين أمانة.
■ كي نقطف ثمار الإسلام بادِر أنت، اقطع لسانَ جارك، كيف تَقطعه ؟
بالإحسان إليه، قابل أنت السيِّئَ بالإحسان يصبحُ صالحًا؛ فالسيِّئ إذا أحسَنتَ إليه حجَّمتَه، حجَّمته وأربَكتَه وأسكنتَ لسانه.
عن أبي شُريحٍ الخُزاعي أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : (مَن كان يُؤمنُ بالله واليوم الآخر فليُحسِن إلى جاره، ومَن كان يُؤمنُ بالله واليوم الآخر فليُكرِم ضيفَه، ومَن كان يُؤمنُ بالله واليوم الآخر فليقُل خيرًا أو ليسكُت)؛ رواه مسلم.
وممَّا يعنيه الحديثُ النبوي أنَّ من لوازم الإيمان بالله تعالى وباليومِ الآخر إكرامَ الجار، وإكرامَ الضَّيف.
وجعلها النبيُّ من أساسيَّات أخلاق المسلم؛ فعن عبدالله بن عمرو قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : (خيرُ الأصحاب عند الله خيرُهم لصاحبه، وخيرُ الجيران عند الله خيرُهم لجاره)؛ [رواه الترمذي].
صاحبان، صديقان، شريكان، جاران؛ ((خيرُ الأصحاب عند الله خيرُهم لصاحبه))، إذا فُقْتَه في الإحسان، فأنت أفضَل منه، إذا فُقتَه في الانضباط، فأنت أَفضلُ منه، إذا فُقتَه في العفو، فأنت خير منه.
■ التمادي والاستمرار في الإساءة إلى الجار.
يقول د. راتب النابلسي عن المبالغة في الإساءة : عن أبي هريرة قال : "جاء رجُلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم يَشكو جارَه، فقال : ((اذهب فاصبِر))، فأتاه مرَّتين أو ثلاثًا، فقال : ((اذهب فاطرح متاعَك في الطَّريق))، فطرح متاعَه في الطَّريق، فجعل النَّاسُ يَسألُونه فيُخبرُهم خبرَه، فجعل النَّاسُ يَلعنونه : فَعل اللهُ به، وفعل وفعل، فجاء إليه جارُه فقال له : ارجع لا ترى منِّي شيئًا تَكرهه"؛ رواه أبو داود.
معنى ذلك أنَّ الإنسان يعيشُ بسُمعَته، ويعيشُ بكرَامته، يعيشُ بثَناء الناس عليه؛ فحِينما بالَغ هذا الجار بالإساءة إلى جاره، النَّبيُّ عليه الصلاة والسلام أهدَر كرامتَه؛ هذا لا كرامة له، ولا غيبة له، اذكر ما يَفعله ليَحذر النَّاس منه.
■ أخيرًا :
أخيرًا، إلى كلِّ جار مُؤذٍ، يتمادى في إيذائه لجاره، إليك حديث رسولِ الله صاحب الأخلاق والذَّوق والشفاعة، ثمَّ بالله عليك قل لنا رأيك بعدما تَقرأ حديثَ نبيِّك محمد صلى الله عليه وسلم. في حديثه المبارك الذي أَخرجه الطبرانيُّ من حديث ابن عمر قال : خرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في غزاةٍ فقال : ((لا يصحبنا اليوم من آذى جارَه))؛ رواه الطبراني.
فيا من تتمادى في إيذاء جارك، ما رأيك الآن بعدما قرأتَ قرآنَ الله وحديثَ رسوله ومصطفاه ؟
,rti jvf,di>> lti,l hg[hv td hgavdum hgYsghldm> jvf,di>>
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
4 أعضاء قالوا شكراً لـ حكآيه على المشاركة المفيدة:
|
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 01:23 PM
|