.
قليلًا ما نجد أشخاصًا يمتازون بفطنة العقل والفكر الرصين والنظرة الثاقبة إضافة إلى الشجاعة والبطولة منقطعة النظير ولعلها ميزات كلها تتوفر في سيف الله المسلول! نعم إنه
خالد بن
الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي أحد أعظم الرجال في التاريخ.
إن المتأمل لقصص بطولات وحروب هذا الأسد يخلص بأن
خالد لم يكن فقط مجرد قائد حروب يحب الانتصارات ولا يرجع أبدًا إلى الوراء بل أكثر من ذلك أن
خالد كان رجل
مفكر يتميز بذكاء وفطنة كبيرين وهذا ما يظهر في تخطيطه لمختلف الجيوش التي قادها.
إن الدلائل على حكمة الرجل وبعد نظره وشدة ذكائه واستعماله لملكات عقله تظهر في تفطنه وإدراكه لدين سيدنا محمد. نعم، لقد كان
خالد صاحب عقل فقد لاحظ بأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على حق وأنه منصور من عند الله عز وجل. فقد أدرك أن البركة والقوة والتحكم والعون والنصر بيد الله. وهنا استيقن
خالد بأن قوته لا شيء أمام الحق، ومستعينًا بعقله وحكمته اتجه مباشرة إلى المدينة مبايعًا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، مُعلنًا إسلامه ليبدأ في انتصارات مع المسلمين. تخيلوا أن
خالد لم يهزم في حوالي 100 معركة كلها كان تعداد المسلمين وعتادهم فيها أقل من العدو. تولى
خالد محاربة المرتدين وردعهم وكذا واصل مسيرته وجيش المسلمين في فتح بلاد الشام والعراق وأجزاء من بلاد فارس.
ولو بقي
خالد كافرًا مشركًا محاربًا للإسلام لكان رجلًا عاديًا نكرة كغيره من أقرانه الذين حاربوا الدين من قبيلة قريش، ولكن انظروا الآن من لا يعرف أو لم يسمع بهذا البطل المغوار؟! الأمة بكاملها -أمة يزيد تعدادها الآن عن المليارين- تحب
خالد وتحب الاطلاع والقراءة عن مختلف انتصاراته التاريخية الكثيرة. ولن نبالغ إن قلنا إنه
أقوى وأشجع وأذكى رجل حروب في التاريخ.
لذا وجب على أبنائنا من الجيل الصاعد أن يعرفوا عن
خالد الكثير؛ ذلك أن
خالد رجل بطولة لا يهاب الموت، وأسد أبى إلا أن يبصم على مد يده إلى أيدي المسلمين للاتجاه نحو النصر، ولن أتخيل
أقوى ولا أشجع من خالد. السبب وببساطة لأنه صحابي جليل يحب الرسول والإسلام فقد جعله الله سببًا في انتصارات الدين ولذا فهو قدوة نعتز بها ونحبها ونفتخر بها لا لشيء سوى لأنه عرف الحق واستعمل كل ما يملك لخدمته. كيف لا ولقد لقبه رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم بسيف الله المسلول.
لقد لعب
خالد بن
الوليد قبل إسلامه دورًا حيويًا في انتصار قريش على قوات المسلمين في غزوة أحد، كما شارك ضمن صفوف الأحزاب في غزوة الخندق. ومع ذلك، اعتنق
خالد الدين الإسلامي بعد صلح الحديبية، وشارك في حملات مختلفة في عهد الرسول، أهمها غزوة مؤتة وفتح مكة. وفي عام 638 هـ، وهو في أوج انتصاراته العسكرية، عزله الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه من قيادة الجيوش لأنه خاف أن يُفتتن الناس به ، فصار
خالد بن
الوليد في جيش الصحابي أبو عبيدة عامر بن الجراح وأحد مقدميه ، ثم انتقل إلى حمص حيث عاش لأقل من أربع سنوات حتى وفاته ودفنه بها.