01-12-2017, 11:46 AM
|
|
|
|
لألئ من مشكاة النبوة تنير طريق التربية
حدثنا زهير بن حرب، حدثنا عمر بن يونس الحنفي، حدثنا عكرمة بن عمار، حدثنا اسحاق بن ابي طلحة، حدثني انس بن مالك، - وهو عم اسحاق -
قال بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ جاء اعرابي فقام يبول في المسجد فقال اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مه مه. قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تزرموه دعوه". فتركوه حتى بال.
ثم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له "ان هذه المساجد لا تصلح لشىء من هذا البول ولا القذر انما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القران" او كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال فامر رجلا من القوم فجاء بدلو من ماء فشنه عليه.
وفي رواية أحفظها أن الأعرابي قال بعد ذلك : (اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا).
هذا حديث صحيح ولنتأمل هذا الحديث يا رعاكم الله.
تخيل مجلس الحبيب محمد بن عبدالله صلوات ربي وسلامه عليه كأنه بدر تحيط به نجوم متلألئة وفي أطهر بقعة بالمدينة المنورة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويأتي رجل ويبول في المسجد لو كنت معهم (ويا ليتني معهم) كيف يمكن أن تتصرف فقط تخيل الموقف وأنت بوضعك الحالي اليوم ! ما عسانا نفعل وكيف نتصرف ؟
■ يمكن أن نستفيد من هذا الحديث المواقف التربوية :
دور المربي : كان الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه مع أصحابه يجلس ما أجمله من موقف تربوي أن يجلس المربي مع طلابه، ما أجمله من موقف يعيشه الأب مع أولاده، ما أجمله من العالم مع طلابه جلسة كلها تواضع من غير استعلاء يلاطف ويوجه ويواسي.
■ دور المربي في التوجيه :
من المؤكد أن الحياة بزخمها وهمها وتنوع متاعبها تدفع الشخص لتصرف سريع أحيانا مجتهدا إذا ما عن له منكر أو خطأ وقد ينال الأجرين وقد لا ينال إلا واحدا، فإذا ما اجتهد من نتولى تربيته فعلينا توجيهه برفق ولين بعيدا عن التأنيب والتوبيخ كم من مره تعرض طالب للعقاب على سلوك طبيعي كأن يتحرك أو يسرح في عالم أحلام اليقظة فيوصم بأنه قليل أدب ويتولى المربي تأديبه على ذنب لم يقترفه.
■ العادات في حياة الأفراد والجماعة :
كم من مرة وقع المرء في مأزق بسب ممارسته لعادة هي في مجتمعه طبيعية ولكنها عند غيره عكس ذلك، لقد كان من عادة أهل البادية من أراد قضاء حاجته التنحي جانبا ليقضي حاجته فحكمت هذه العادة الأعرابي وتصرف بمفهوم البادية في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت هذه عنده أمر طبيعي لكنها عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غير ذلك فقالوا مستغربين (مَهْ مَهْ) ولكن الخبير التربوي وجههم بقوله : (لاَ تُزْرِمُوهُ دَعُوهُ ).
فعلى المربي أن يتنبه للعادات والأعراف وإذا ما رأى ما يخالف عادته فإن كان مخالفا للشرع أو للآداب العامة وجه وبرفق وإن كانت عادة لا تخالف شرعا فالأمر فيه سعة فلا يحجر على الناس ما اعتادوه.
■ الرفق :
ما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا رفع من شيء إلا شانه، ما أجمل ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم موجها أصحابة أولا ثم معلما للأعرابي ثانيا، من أخطأ في الاجتهاد بين له ما يترتب على اجتهاده ومن أخطأ في السلوك بين له مكمن الخطأ، فعلينا كمربين أن نوجه بلين ورفق حتى يكون لنا قبولا، فالأعرابي روي أنه قال : (اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا)، لا إله إلا الله كم هو الرفق يسري في النفس مسرى السحر.
■ قاعدة جليلة في تعديل السلوك :
تمعن في العبارتين التاليتين (لاَ تُزْرِمُوهُ دَعُوهُ) و (إن هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لاَ تَصْلُحُ لِشَىْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ وَلاَ الْقَذَر)، ماذا تلاحظون يا سادة يا كرام إلى من وجه النقد ؟ لم يوجه للأفراد وإنما وجه للسلوك وبأسلوب تلميحي يفهم منه المغزى، فيا رعاكم الله كم نحن بحاجة لمثل هذا الأسلوب التربوي كم من رسالة سلبية يتلقاها من يراد توجيهه تهدم أكثر مما أريد لها أن تبني.
■ اغرس سلوكا حسنا مكان الآخر :
أظننا نتفق جميعا لو أخذنا كتلة من مكانها فلا بد أن يحل مكانها شيء آخر، ربما كان ذلك الهواء هذا في عالم الطبيعة. واجبنا التربوي هنا أن نتذكر ذلك فإذا ما أردنا تغيير سلوك شخص بترك عادة لا بد أن نضع البديل، فالمسجد لا يصلح للقذارة بل للعبادة ولا تزرموه دعوه (فَاَمَرَ رَجُلاً مِنَ الْقَوْمِ فَجَاءَ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَشَنَّهُ عَلَيْهِ ).
■ سيطر على الموقف ولا توسعه :
ما الذي يمكن حدوثه لو نهر الأعرابي وطالبوه بقضاء الحاجة خارج المسجد. شراح الحديث يرون إما يرتبك الأعرابي ولا يستطيع السيطرة على نفسه فتتسع دائر البول أكرمكم الله أو يتحكم في نفسه وربما أصابه ضرر. وهنا أمران أهونهما صعب والأهون هو السيطرة على الموقف ومعالجة الأثر، فواجبنا أن نراعي الموقف ونستوعبه ونعالج أثاره لا نوسع دائرته.
فهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يسمح للأعرابي بإكمال مشواره ثم يعالج ما ترتب على هذا من وقوع النجاسة على مكان في المسجد بإراقة الماء عليها.
■ نبه عندما تحتاج للتنبيه وقدم التغذية الراجعة :
هكذا هو رسول الأمة صلوات ربي وسلامه عليه يوضح ويستزيد في السلوك الإيجابي، الأعرابي يقول : اللهم ارحمن ومحمدا ولا ترحم معنا أحداً، فيرد عليه الصلاة والسلام : لقد حجرت واسعاً، يعني ضيقت ما فيه سعة فرحمة الله واسعة تتسع للجميع.
|
|
|
gHgz lk la;hm hgkf,m jkdv 'vdr hgjvfdm NgNk ls;hj hgjvfdm hgkf,m fk]v 'vdr
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 02:50 PM
|