من حين لآخر تصيبنا الكثير من الهموم بسبب الابتلاءات ونقص الرزق والغلاء وعدم الأمن، ورغم أن لذلك أسبابًا اجتماعية واقتصادية وأمنية إلا أن بعض من أسبابها هي البعد عن الله سبحانه وتعالى والابتعاد عن المنهج النبوي والأخلاق المحمدية فيسود الغش والجشع والافتراء من الناس، وعلاج ذلك كله الرجوع إلى الله والعمل بالقيم الإسلامية التي تدعو لعمارة الكون وحب الخير للناس جميعًا.
وقد ذكر العلماء أنه ما نزل ابتلاء إلا بذنب ولا يرفع إلا بتوبة يقول تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}، وبينوا لنا بعض الأمور التي تكون سببًا في رفع الغلاء والبلاء والمصائب التي تصيبنا
وثمرة الصبر أن يكون العبد في معية الله ومن كان في معية الله لا يضره شئ أبدًا، والصبر يكون ملازمًا للابتلاءات فإن أخلص العبد وصبر كان الفرج من الله سبحانه وتعالى قريب، يقول تعالى: {لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ وَالأنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}.
ما نزل بلاء إلا بذنب ولا يرفع إلا بتوبة، وقد صدق الواقع هذا الفعل، ولذلك فإن التوبة إلى الله والاستغفار بصدق يأتي بالفرج، ويرفع البلاء والغلاء والمصائب، يقول تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}. وثمرة الاستغفار والتوبة تكون في الدنيا وكذلك في الأخرة كما ورد في الآية الكريمة.
أرشدنا الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم إلى أن الأمم التي كانت من قبلنا كان يمسها البئساء والضراء ولكنهم لم يكونوا يدعون الله لرفع هذا البلاء، يقول تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ}.
لذا جاء الأمر الإلهي لمن وقع في ابتلاء أو ضيق في الحياة أن يدعو الله ويتضرع إليه وأن يكون من المحسنين بفعل الخيرات، يقول تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}.
وكما أن هناك أسبابًا مادية للبلاء والغلاء وضيق العيش، كذلك هناك أسبابًا مادية كضرورة العمل والاجتهاد والإخلاص فيه، وتقوى الله في كل عمل نعمله كلًا في مجاله، أم التواكل والتكاسل وعدم مراعات حقوق العباد وظلمهم فمن شأنه أن ينز)، ل البلاء ويزيد الغلاء، يقول تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}، ويقول كذلك: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
لقد جعل الله سبحانه وتعالى للفقراء حقوقًا في أموال الأغنياء، وفي ذلك تكافلًا وتكاتفًا بين أبناء المجتمع، ونجن أحوج ما نكون لأن يدفع الأغنياء زكاة أموالهم وصدقاتهم للفقراء في أيام الغلاء وضيق العيش، وذلك تزكية لأموالهم التي لن تنقص كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (ما نقص مال من صدقة)، فالإنسان مستخلف في الأرض في كل ما يملك يقول تعالى: ﴿وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ﴾، وقد أمرنا سبحانه وتعالى أن يؤدي حق الفقراء في أموالنا يقول تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾.