,,, التنور وخبز التنـور تراث وماضي من المجتمع الريفي ,,,
ألوان مختلفة من الأطعمة وأصناف متعددة بنكهات مختلفة تزين أطباق المنازل والمطاعم هذه الأيام ولكن إذا مر أحدكم بجانب تنور اعتمرت ناره وفاحت في المنطقة المحيطة به رائحة الخبز الطري والفطائر المتنوعة المحشية والمغمسة بزيت الزيتون الطبيعي
لابد أن يستوقفه مشهد أصبح بالنسبة للبعض منّا من ذكريات الماضي لأن صناعة خبز التنور أصبحت نادرة .
التنور والدور الذي أدته سابقا
«إلى وقت قريب جدا كان التنور أحد أهم مظاهر الريف والمدينة ، حيث كانت النسوة تحضرن الخبز لأفراد العائلة كافة ، وكان أيضا لكل تجمع من بيوت القرية تنوره الخاص ، ولكن هذه الظاهرة اندثرت فترة طويلة من الزمن وبشكل كبير في المدينة ، خلافا للريف إلا أنها عادت خلال السنوات القليلة الماضية إلى الانتشار بطرق متعددة في شوارع وأزقة المدينة ، ولكنها لم تحمل نفس السمات بل عادت وفي طياتها السمة الاقتصادية الربحية والعزف على وتر رغبة حنين الناس واستعادة ذكريات الماضي».
وعن أهمية التنانير والأدوار التي كانت تلعبها من الناحية الاجتماعية سابقا
«فإن النسوة قديما كن يتجمعن حول التنور بعد أن يحضرن العجين في المنزل ويبدأن بفرده وتقطيعه إلى قطع متوسطة ، وخبزه وشيه داخل التنور، وكانت فترة الخبز هي الفترة الوحيدة التي تجتمع فيها النسوة ليرددن بعض الأغاني ويتبادلن النكات ويتجاذبن أطراف الأحاديث ، من أخبار أهل القرية كالخطبة والزواج والمرض والسفر وهن يلوحن بالرغيف في الهواء ، ثم يضعنه على الكاره والتي هي عبارة عن قطعة من اللباد دائرية الشكل ومغطاة بطبقات من القماش خيطت حوافها وغالبا ما يتم تفصيلها في البيت ، ويوضع عليها الرغيف ثم يلصق على جدار التنور ، حتى ينضج ويتم سحبه باليد أو بذراع حديدي ، كما كانت النساء وخاصة في القرى تقمن بتوزيع الخبز لكل عابر سبيل أو مار بقرب التنور وتنشق رائحة الخبز».
وعن صناعة التنانير «فإن بناء التنور لم يكن سهلا ويحتاج لمواد خاصة تحتمل الحرارة لكي لا تتشقق ، حيث كانوا يخلطون فيه نوعا من التربة مع نوع خاص من الحجارة يطلق عليها أهل القرية "ملح الدب" وتخلط المواد جميعها بالماء ويبنى منها التنور ، ويوضع تحت السقف بناء من جدارين وذلك من أجل التهوية مع رصف مصطبة واسعة لرق العجين ، وكان الفلاحون يفضلون النباتات العطرية كوقود له مثل المرمية والريحان والسنديان لأنها تضيف نكهة خاصة للخبز .
وإضافة للخبز كان يتم تحضير أقراص بالسلق وفطائر الفليفلة المعروفة بـ"المحمرة" المختلطة مع السمسم والبصل والزيت والسمون المدهون بالزبدة البلدي أو الزيت ، إضافة إلى شوي "المشحمية" والتي يتم إعدادها من العجين واللحم المخلوط بمادة العصفر والتوابل الأخرى ، وبعض النسوة كن يحضرن بعض الحلويات كأقراص العيد والكليجة خاصة أيام الأعياد .