وحين أُنْهِيها وأشعر بالإنهاك ، أتجه إلى
حيث الجوال وعينيَّ على شريط الإشعارات
عشرون إعجاباً في برنامج انستغرام
ثلاث رسائل خاصة في تويتر وخمسة في المنشن
أحد عشر إعجاباً على الفيس بوك
ودعوتين للصداقة ورسالة خاصة
ثلاثُ مئة محادثة على الواتساب
وعشر رسائل بريد ألكتروني
محادثة واحدة على اللاين
وأخرى مثلها على الكك وثالثة يبدو أنها
وصلت بالخطأ على برنامج الكاكاو !!
أسعى جاهدةً لرؤية جميع الإشعارات والرد عليها ،
وأقدم الضروري على غيره ،
وما إن أنتهي حتى يمتلئ
شريط الإشعارات مرةً أخرى
يمر يومي بسرعة البرق ،
وأنا أحاول ألا أنظر إلى الجوال
إلا بعد إنجاز المهمات الضرورية ،
تزعجني نغمة الإشعارات فأستجيب لها ،
صديقتي أمل تسأل عن كتاب ذكرته لها سابقاً
وابنة عمي رحاب تطلب مني تصوير فستاني
الذي ابتعته لزواج أختها القادم لتكون أول من يراه
بيان الثرثارة تتحدث إلي كل لحظة
عبر واتساب وإن لم أرد جن جنونها
نغمات مختلفة تصدح كل حين ،
أشعر بالدوار فأضع الجهاز على الصامت !
هذا هو حالي وحال الكثيرين ،
جل أوقاتنا تذهب للتواصل الذي
قد يكون أغلبه ثرثرات لاطائل منها
أو أحاديث يمكن تأجيلها يحترق الغداء ،
ويتخانق الأطفال وقد تسرق البيت برمتها
وكل شخص يعلق عيونه على جواله باهتمام
وهو يحلق في عالم آخر
حياة متخمة بالتقنية عن آخرها ،
لم نعد نشعر بطعم لأي شيء ،
حتى التنزه والأكل والأحاديث المبهجة
لابد أن يقطع جمالها نغمة جوال
أو عيونٌ مسبلة نحو جهاز أو ضحكٍ غير معلوم
السبب من شخص يطالع شاشة جهازه !!
إزعاج ،توتر ، شوشرة
لا أستطيع المواصلة
أود الرجوع لأوراقي ومحبرتي
أود أن أشعر بهدوء لايبدده نغمات جهاز
أود أن أسترسل بخيالاتي قبل النوم
وأنا أبحلق ببصري نحو سقف الغرفة لاجهاز الجوال!!
لا أحد يستطيع الإنكار بأن التقنية اليوم
باتت جزء لايتجزأ من حياتنا ،
حتماً سأضطر للإتصال بالنت لبحثٍ أو غيره،
ولكن سأجعل ذلك من خلال جهاز المحمول
الذي أستثقل العمل الطويل عليه
سأغلق جهاز جوالي وسأكتفي بجهاز مخصص
للاتصال والرسائل النصية فقط
سأوقف لهاثي الدائب خلف التواصل الاجتماعي
ومحاولاتي الخائبة لإرضاء الجميع
بالرد عليهم وقتما يسألون
لا أريد من أحد أن يسأل عني
سأجلس مع نفسي مدة أسبوع أو تزيد ،
فقط لألملم شتاتي المبعثر وراء أجهزةٍ مجنونة
سأسعى لجمع بنيات أفكاري
التي ظلت مشتتة لمدة سنوات
سأحاول جهدي أن أنتج وأفكر
وأعمل بجد خلال هذه الرحلة
وستكون رحلتي هذه بصفةٍ دورية
فمن يود أن يرافقني؟؟