امس هو أول أيام العام الهجري الجديد، جعله الله عاما يحمل معه السلام والأمن للعالم كله، فقد أنهك الناس هذا التقاتل الدائر بينهم، واشتكت القبور من تزاحم الأجساد في بطنها! فاللهم أجر عبادك مما حل بهم من الأذى واجعل عامك هذا كاشفا عنهم الغمة طاردا البلاء، إنك على كل شيء قدير.
في غرة كل عام جديد، يأمل الناس أن يكون عامهم المقبل خيرا من عامهم المنصرم، ونادرا ما تجد أحداً يعبر عن أمنية له بأن يكون عامه المقبل كعامه الذي مضى، حتى وإن كان العام الماضي مملوءا بالخير جالبا الرضا، فما بالك إن كان عاما تزاحمت عليهم فيه الكوارث وغلف أيامه الظلام!
من طبيعة الناس أنهم يتطلعون بأمل إلى المجهول، يحسنون الظن فيه ويتوقعون منه أن يأتي إليهم بما هو أفضل مما عندهم، هذا الأمل هو ما يجعل الناس في مطلع كل عام يتوقعون أن يكون العام الجديد أفضل من العام المنصرم. ولو قيل للناس إن العام الجديد سيشرق عليهم مرتديا ثوب العام الماضي متطابقا معه في كل شيء، لربما أزعجهم ذلك، ليس لأن عامهم المنصرم كان مليئا بالمشكلات المؤسفة والحوادث المؤلمة فحسب، وإنما لما فطرت عليه نفوسهم من التعلق بالأمل في أن يكون القادم أفضل مما مضى، فبالرغم من ان العام الجديد مجهول ما في بطنه، إلا أن ذلك لا يجعل الناس يغيرون رأيهم في تفضيلهم العام الجديد على تكرار القديم الذي مضى.
والجهل بما يحمله العام بين أضلعه يتيح للناس أن ينشروا بساط آمالهم في أن يكون العام جالبا معه ما يمحو آلامهم وهمومهم ويضع حدا لنهاية مشكلاتهم وأحزانهم.
أحيانا، يكون الأمل نوعا من خداع الذات، يسري في الروح كمخدر ناعم يريحها مما تحس به من وخزات الألم أو الشقاء أو الخوف، وهو مخدر ليس له أضرار جانبية، إن لم يحقق للناس ما يعدهم به، فعلى أضعف الإيمان هو لا يضرهم.