07-17-2016, 06:42 AM
|
|
|
|
|
التهذيب و آسف
يصدمك أحدهم من الخلف وأنت متوقف في مكان ما ويكون هو المخطئ ١٠٠٪ نظراً لعدم تهدئته قبل أن يضربك من الخلف ويعدم السيارة ومع ذلك ينزل من سيارته متوتراً وعاكساً الخطأ عليك رغم أنه هو المخطئ لأنك تقف خلف سيارات متعددة تصطف أمامك في خط سير طويل وهو كان من المفترض أن يقف خلفك كما تقف أنت بهدوء لأنه هناك من يقفون خلفه ومع ذلك لم يتنبه ولم يركز وصدم سيارتك من الخلف وأكملها بالصراخ بأن السائق هو المخطئ وتزداد المأساة عندما يكون السائق أجنبيا ولعائلة عندها سوف تشاهد المواطن المخطئ وهو يستعرض عضلاته على السائق الضعيف وبعباطة يتهمه بأنه هو من توقف وهو يعرف أنه يقف في السير بطريقة صحيحة طبعاً الفيلم كله في غياب المرور والمراقبة.
كم مرة يتكرر هذا المشهد مع الأسر ومع نساء في سياراتهن عشرات المرات ...معي شخصياً مرات متعددة.. وبدلاً من أن يعتذر وتتحمل أنت تكلفة إصلاح السيارة خاصة إذا لم تحب حكاية مطاردات التأمين وفيلم هذا رقمي واتصلوا بعد تقدير التكلفة.. وتعتبر أن ما حصل حصل وهو قضاء وقدر كعادة كثيرين الذين يقولون لا نأخذ غرامة.. في اليوم الأخير من رمضان بعد الظهر كنا متوقفين في شارع قريب من منزلنا خلف سيارات وخبطتنا سيارة بقوة دفعت بمن في السيارة للأمام .. نزل السائق بسرعة ليرى الكارثة ونزلت من مقعدي لأرى ماذا حصل؟ وشاهدت سائق مواطن سبعيني أو أكثر يخرج من سيارته ويصرخ ويريد أن يهجم على السائق وهو يقول أنا في طريقي أنتم واقفين في الطريق وكأننا نمتلكه ولم يشاهد ان أمامنا أرتالا من السيارات.. طلبت من السائق أن يعود إلى السيارة واللهم إننا صيام.. لم يعتذر الرجل أو يتأسف مثل آخرين.. لأنه المخطئ وهذه ثقافة نفتقدها في أشياء ومواقف كثيرة في الحياة.. نبحث عن الاعتذار وقد نكتفي به لانه يمسح الأسية ولكن لا نجده هل لأننا نفتقد لثقافة الاعتذار.
دراسة حديثة توصلت بعد أن أجريت على ١٠٠٠شخص بريطاني إلى أن الشخص العادي يقول كلمة آسف "sorry" نحو ثماني مرات في اليوم وأن واحداً من بين كل ثمانية أشخاص يعتذر ٢٠مرة في اليوم الواحد.
..ويقول هنري هتشينغز في كتابه "آسف الإنجليز وعاداتهم السلوكية "إن استعداد الإنجليز للاعتذار عن شيء لم يفعلوه هو أمر لافت للنظر ويقابل ذلك عدم رغبة في الاعتذار عن شيء فعلوه.. تقول عالمة النفس في جامعة بيتسبرغ مارينا شومان التي تجري دراسة عن الاعتذار والتسامح.. " هناك بالتأكيد تكهنات بأن الكنديين والبريطانيين يعتذرون أكثر من الأميركين.. لكن ذلك يصعب دراسته بطريقة ينتج عنها دلائل مقنعة.. وفي استطلاع أجرته مؤسسة "يوغوف" لعينة من البريطانيين تزيد عن ١٦٠٠و١٠٠٠ أميركي.. كشفت أن ١٥بريطانياً مقابل عشرة أميركيين يقولون كلمة آسف إذا عطش شخص أو صحح خطأ ارتكبه أو إذا اصطدم به شخص آخر..!
لكن من أين أتت كلمة آسف وماهي أصولها؟
تعني كلمة آسف الإنجليزية القديمة " حزين ومليء بالآسف والآسى" ولكن معظم البريطانيين يستعملون الكلمة عرضاً وهنا تكمن مشكلة اخرى في دراسة الفروق الثقافية في اللغات.. يقول أحد الخبراء اللغويين ومؤلف كتاب "آسف لذلك: لغة اعتذار الجمهور" إدوين باتيستيلا... " اننا نستخدم كلمة آسف بطرق مختلفة ويمكن للبريطانيين أن يقولوا كثيراً كلمة آسف لكن ذلك لا يعني بالضرورة أنهم نادمون" ويفخر المجتمع البريطاني بأن أفراده يظهرون الاحترام دون التدخل في خصوصية الآخرين ومن دون جذب الانتباه إلى الذات وهذه صفات يشير إليها اللغويون بمصطلح "التهذيب السياسي" أو الوجه السلبي أما الولايات المتحدة فمجتمعها مجتمع يميل إلى تهذيب إيجابي يعبر عنه بالحميمية والرغبة في أن يشعر الفرد بأنه جزء من مجموعة...!!
لدينا عندما يصدمك أحدهم يقول لك "خير إن شاء الله" دون أن يعتذر وهو الأصح ...أو لو اعتذرت له إن خبطته في زحام قال لك "مش تفتح عيونك.. نحتاج إلى ثقافة اعتذار جديدة رغم أننا شعب مسلم حث ديننا على الاعتذار والعفو.. وكلمة آسف نرى أنها ثقيلة ومن الصعب نطقها والبعض يربطها بمن يستحقها لكن هذا ليس صحيحاً فالتآسف يمسح غضب الطرف الآخر ويقربك منه.. تأسفوا لمن أخطأتم في حقهم فهي كلمة غير مكلفة وأردفوها بابتسامة حتى لا تبدو وكأنك مجبر عليها..!
hgji`df , Nst gQJ hgji`df
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 09:58 PM
|