كُلنا أغنياء ..!
نظرت البارحة فإذا الغرفة دافئة والنار موقدة، وأنا على أريكة مريحة، أفكر في موضوع أكتب فيه، والمصباح إلى جانبي، والهاتف قريب مني، والأولاد يكتبون، وأمهم تُـعَالج صوفاً تَـحيكه، وقد أكلنا وشربنا، والراديو يهمس بصوت خافت، وكل شيء هادئ، وليس ما أشكو منه أو أطلب زيادة فيه!
فقلت: «الحمد لله» أخرجتها من قَـرَارة قلبي ، ثم فكرت، فرأيت أن «الحمد» ليس كلمة تقال باللسان، ولو رددها اللسان ألف مرة؛ ولكن «الحمد» على النعم أن تَـفِـيضَ منها على المحتاج إليها.
حَـمْـد الغني أن يعطي الفقراء، وحَمْد القوي أن يساعد الضعفاء، وحَـمْـد الصحيح أن يعاون المرضى.
فهل أكون حامداً لله على هذه النِّـعم إذا كنتُ أنا وأولادي في شبع ودفء وجَـارِي وأولاده في الجوع والبرد؟ وإذا كان جَـارِي لم يسألني ؛ أفلا يجب أن أسأل عنه؟ سألتني زوجتي: فيمَ تفكر؟ فأخبرتها، قالت: صحيح، ولكن لا يكفي العباد إلا من خلقهم، ولو أردتَ أن تكفي جيرانك من الفقراء لأفقرتَ نفسك قبل أن تغنيهم!
قلت: لو كنتُ غنياً لما استطعت أن أغنيهم، فكيف وأنا رجل مستور، المسائل نسبية، فأنا بالنسبة إلى أرباب الآلاف المؤلفة فقير، ولكني بالنسبة إلى العامل أو العاطل الذي يُعيل عشرة غنيٌ من الأغنياء، وهذا العامل غني بالنسبة إلى الأرملة المفردة التي لا مال في يدها ، ورَبّ الآلاف فقير بالنسبة لصاحب الملايين؛ فليس في الدنيا فقير وغَـنيّ لا مطلقاً، وليس هناك صغير ولا كبير، ومن شك فاسأله عن العصفور: هل هو صغير أم كبير؟ فإن قال صغير، قلت: أقصد نسبته إلى الفيل، وإن قال كبير، قلت: أقصد نسبته إلى النملة؛ فالعصفور كبير جداً مع النملة، وصغير جدا مع الفيل!
فكل إنسان يستطيع أن يجد من هو أفقر منه فيعطيه، فإذا لم يكن عندك إلا خمسة أرغفة، تستطيع أن تعطي رغيفاً لمن ليس عنده شيء، والذي ليس عنده إلا أربعة ثياب مرقعة يعطي ثوباً لمن ليس له شيء، ومهما كان المرء فقيرا فإنه يستطيع أن يعطي شيئا لمن هو أفقر منه، ولا تظنوا أن ما تعطونه يذهب بالمجان، لا والله، إنكم تقبضون الثمن أضعافا؛ تقبضونه في الدنيا قبل الآخرة،
جزء من مقال للشيخ علي الطنطاوي رحمه الله بتصرف ..
;Egkh Hykdhx >>!
أختلف جداً لو أشباهي مئات ،
مالإحساسي وذاتي اربعين ..
|