مدخل .. {عمران الدنيا ينبثق من عمران النفوس
وخراب الدنيا ينبثق من خراب النفوس }
لا تنشدالسكون .. فـ ( إنه لن يكون ) !
أنت مشغول إلى أقصى درجة ؟.
لا تجد الوقت حتى .. لتتنفس ؟!
قائمة أعمالك مليئة بأشغال ، ومهام ، ومتطلبات ؟
أنت إذاً من الصنف الذي يعتقد أنه إذا انتهى من قائمة الأعمال التي بين يديه
وأداها على أكمل وجه فسيشعر بالهدوء ، والراحة والسكينة .. أليس كذلك ؟
هيهات .. هيهات أن يحدث هذا !!
فببساطة تثير الغيظ ما أن ينتهي بند إلا ويفتح الباب على عشرات البنود
التي تحتاج إلى كثير عمل وجهد
وقد نرى أعمالنا تزداد حتى وإن بذلنا جهوداً إضافية طلباً للراحة والسكينة
إن الركض خلف الانتهاء من قائمة المهام ، والسعي المحموم كي نغلقها ..
لن يزيد الأمر إلا توتراً وإرهاقاً ! والحل في أن نرى الأمر على حقيقته
وهي أن قائمة أعمال المرء منا يجب ألا تكون فارغة أبداً !
طالما أننا نحيا ونتنفس فنحن في حركة دؤبة وسير متواصل .. وعمل لا ينقطع
والإنسان الإيجابي الفعال هو بطبيعة الحال إنسان مشغول
والفراغ والسكون هما الهواية المفضلة للكسالى والفارغين وساكني القبور ..!
وأمام هذه الحقيقة يجب أن نتعلم كيف نتعامل بهدوء وسكينة أمام ضغوطات الحياة
وندرك أن الهوس بإنهاء الأعمال وتفريغ القائمة من بنودها سيصيبنا
بضغط الدم والسكر ، والعصبية الدائمة
لن يموت أحدنا وقد أتم قائمة أعماله ، كلنا ستكون لدينا أعمال يتمها مَن بعدنا ..
أبناء ، وأحفاد ، وخلفاء ، أو حتى أصدقاء
بخلاف الرسل والأنبياء – صلوات الله وسلامه عليهم –
فلا أحد يموت إلا وقد أنهى كل ما أمِلَ فيه
فرويدك أخي ، ورويدكِ أختي على نفسيكما ....
دعونا لا نركض ونلهث ، فتضيع منا لحظات السعادة والبِشر
إن الانهماك التام في العمل ، ومحاولة إنجاز كل شيء
كفيل بأن يفقدك تركيزك ، ويسرق منك عمرك
نعم كلنا لدينا مهام علينا إنجازها ، ولكن بروية وتؤدة وتركيز
نُتم ما نستطيع إتمامه ، ونؤدي ما نقدر على تأديته
وليس علينا أن نكلف أنفسنا ما لا تطيق ، وأن نطالبها بما تعجز عنها طبيعتها
فالله تعالى – وهو خالق النفس وعالم سرها – يبشرنا أن :
{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [ البقرة : 286 ]
فلِمَ نكلف نحن أنفسنا ما لا تطيق وتقدر ؟!
{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} فلا تكليف فوق الطاقة !
وإنما على حسب الجهد ، وعلى قدر الموهبة ، وعلى مقدار القوة ..
يقول الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – عن هذه الآية :
" يستدل بها بعضهم على الترخُّص ، مع أنها تدل على العزيمة أيضاً
فيقال : إن الله تعالى لم يكلِّف نفساً فوق وسعها
فمعناه : أن كل ما كان في وسعه ، فهو داخل في التكليف "
فمع راحتكِ وعدمِ تكلُّفك ، فلا تفقد همتك ، ولا تضعف عزيمتك
لا تكن كمَن عاش شطر حياته الأول يشتهي الشطر الثاني
وعاش شطر حياته الثاني آسفاً على ضياع شطر حياته الأول !
أربعٌ تورث ضنكَ المعيشة وكدَر الخاطر وضيق الصدر :
الأولى : التسخط من قضاء الله وقدره ، وعدم الرضا به
الثانية : الوقوع في المعاصي بلا توبة { قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ } [ آل عمران : 165 ]
{ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [ الشورى : 30 ]
الثالثة : الحقد على الناس ، وحب الانتقام منهم ، وحسدَهم على ما آتاهم الله من فضله
{ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ } [ النساء : 54 ] ، ولا راحة لحسود
الرابعة : الإعراض عن ذكر الله { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا }[ طه : 124 ]
,,الإسلام هو البيئة الصالحة والتربة المثلى للإنتاج ؛ بغرس الفكر المنظم
والقلب السليم ، والسلوك المدرب على الكتاب والسنة } .. مخرج