بالله ياللي قربوا كل منجوب
هجنٍ تفوج فجوج نكد الدباديب
يدنن بعيد مصحصح البيد مطلوب
مثلي إلى بعد المدى للمناديب
مع زمرة الويلان عامين محسوب
يرعن زهر قفرٍ حمي بالمغاليب
كومٍ علاكيمٍ فحلهن منتوب
من نسل علكومٍ مضى له تجاريب
فج المرافق ما اعتراهن عذروب
كن اشتعال عيونهن المشاهيب
ولا مسهن من لاهب القيظ لاهوب
ولا شكن إدلاج نشر السباسيب
يشدن من غب السرى غصن نبنوب
قوسٍ حنوه لمرسلات النشاشيب
عوصٍ ممس حبالهن شاب مقلوب
من سوج مس عقوب حبل المصاليب
الى اقفن خرامٍ كما الجول مرهوب
أو كدريٍ ساقه هجير اللواهيب
في صحصحٍ قفرٍ بها لجلج الشوب
حرابله حط الحصى له مراقيب
دوٍ ضبابه في سرابه كما الروب
يومن فيه اوماي عبث النبانيب
يشدن سنجارٍ من الهند مسكوب
من غير شرعٍ به حدته الدواليب
وإلا خذاريفٍ لها الخيط مجذوب
إلى استمرت في كفوف اللواعيب
يا ركب ما منكم شفيقٍ لمنيوب
أمرٍ دعا داعي غرامه ولا جيب
بالمن والمعروف عوجوا لمصيوب
هواربٍ دواربٍ بزلٍ شيب
يا ركب لي من غاية النفس مطلوب
عوجوا برا روس الركاب المناجيب
عوجوا كزي مشاهدٍ عاج منعوب
في مشعرٍ عاجت عليه المراكيب
تريضوا بالدار مقدار مشروب
كاسٍ يفض الغيظ ما دمت أنا أجيب
منمقٍ بمسطر الطرس مكتوب
شرف النبا بمسجلات المكاتيب
من مغرمٍ فكره حضر تقل حالوب
مزنٍ تفجر ماه بأمر الولي جيب
تحملوا به من محبٍ لمحبوب
غريب تسليمٍ عميمٍ وترحيب
بتحيةٍ ما ساق الإبراض نبنوب
أو دار فكر أهل العقول الدواليب
تحيات حيٍ مستهامٍ لخرعوب
من عقب بعدٍ في مواصل وتقريب
وألذ من صافي لجا له بشخنوب
هله روايح سارياتٍ نحاحيب
وأسر من بشرى بها كل مكروب
متحوسنٍ بارياه يرجي الفرج ريب
ورحب كما ترحيب يوسف ليعقوب
بالوصل والترحيب حاتم إلى نيب
ترحيب صبٍ من محبٍ برى الدوب
حاله على سلطان حور الرعابيب
طفلٍ نشا واحيا الحيا عقب ما هوب
ميتٍ نشا له جادلٍ بالهوى هيب
عليه دمع العين يا علي مسكوب
وسمار هدب العين عاين قلب شيب
عليه غربت الحيا عقب ماهوب
يفضح بزينه محصنات الجلابيب
من الصد والهجران والوجد لاهوب
ميتٍ ولا حيٍ حياةٍ بها الطيب
من جور تصريف الدهر بت مشعوب
حيران غضٍ في عصور الصبا صيب
واعذرت شفت معاند الدهر متعوب
دنياً لياليها لوالب دواليب
إن سالكم يا ركب عن حال مصيوب
قولوا بعال الصوت يا عيب يا عيب
يا حيف تنسى مولعٍ فيك مرعوب
حارب كراه مفارقٍ عقبك الطيب
للحي منسوبٍ مع الميت محسوب
علق بكالوب الرجا والتحاسيب
الى اعتذر فالعذر من دون مكتوب
ولا ينقذ الذامي ضحاحٍ وتسريب
ما ضر محبوبٍ تعطف لمحبوب
أو كز مكتوبٍ لطيفٍ وترغيب
يصير مثل شفا مرض علة أيوب
أو شم يعقوب القميص أبصر الطيب
فلا اغتنى راجي مواعيد عرقوب
ولا اشتم جرح إمرٍ على ذكره الطيب
ولا ملا سيل الغراميل جربوب
ولا لقحت هوج الرياح اليعابيب
الا سمعنا بالتواريخ منسوب
بسمنان سبع جرار في ظاهر الغيب
فان مسني من لاهب الدهر دالوب
لي خزنة الداعي مجيب المواجيب
أحمد سناد من التجى فيه مكروب
فرزٍ لفض المشكلات المصاعيب
مثل العسل شمعه على الضد مذيوب
واشفى منه واحلى لوده بلا ريب
هذا وصلوا ما انحت الشمس لغروب
على نبيٍ عرب الحق تعريب
الشاعر:
هو محمد بن عبد الله بن محمد القاضي من أهل عنيزة، ولد سنة 1224ه من أشهر شعراء نجد توفي رحمه الله عام 1285ه.
مناسبة النص:
جاء في تقديم النص "أيضا له مسندها على أحمد السديري" ويتضمن النص مشاكاة عاطفية ويمتدح الأمير أحمد بن محمد السديري جد الملك عبدالعزيز لأمه رحمهم الله.
دراسة النص:
يرد النص في كثير من المصادر، ومنها مخطوط الربيعي الذي اعتمدت عليه هنا في إيراد النص ويلاحظ أن هذا النص يتشابه مع نص محمد ابن لعبون في مدح احمد بن ضاحي والذي مطلعه:
يا ركب ما سرتوا بيوسف ليعقوب
بعد الفجر ينضاح والليل غربيب
وقد تناولناه في عدد سابق وبالمقارنة بين النصين نجد أن تأثر القاضي بنص ابن لعبون واضح ومن ذلك قول ابن لعبون:
مع صحصحٍ كنه قفا الترس مقلوب
طربٍ به الجني على فقده الذيب
ويقول القاضي:
في صحصحٍ قفرٍ بها لجلج الشوب
حرابله حط الحصى له مراقيب
لذلك يخلط الرواة بين النصين وهذا شائع، ولكن نجد جمال التصوير للصحراء والتي أخذها كل شاعر من زاوية مختلفة في أبياتهم السابقة فابن لعبون جعل دلالة سعة الصحراء وخلوها مربوط بأصوات غناء الجن التي فقدت الذئاب بينما القاضي ربط الصحراء بصوت الرياح الحارة واعتلاء الحرباء للحجارة الصغيرة، فكل من الشعراء رحمهم الله ذكر ما يتصور أنه معبر عن وحشة الصحراء وخلوها ويرى أنه يعطي دلالة على المعنى المراد وهنا تظهر ميزة التأثر بالاختلاف في التناول إلا أننا نجد بيتاً آخر يقول فيه ابن لعبون:
يشدن لعيدانٍ من القوس مكروب
واخلافهن صرف بنبط النشاشيب
وفي المقابل يقول القاضي:
يشدن من غب السرى غصن نبنوب
قوسٍ حنوه لمرسلات النشاشيب
وخلاف التأثر السابق هنا تأثر متطابق لا ميزة فيه سوى تكرار معنى مسبوق عليه بل وبنفس المفردات، وبهذا لا نلوم الرواة في الخلط بين البيتين السابقين لأي من الشاعرين نسب أحدهما، وبالنظر في نص القاضي نجد أنه بدأ النص مخاطباً ركباً مغادراً ويصف ركائبهم القوية الضخمة ويصف انطلاقهن في الصحراء الخالية وكيف أنهن يشبهن السفن في البحر ولكن بلا أشرعة ويطلب منهم حمل رسالته لمن أحب ويعتب على حبيبته هذا الصدود ويصف حالته ومعاناته وأن هذا قدره ولكنه يتذكر أن هناك من يشتكي إليه معاناته ويسميه أحمد وهو الذي لا يتوانى عن إجابة من يحتاج مساعدته ثم يمتدحه.