غـَـــرنــاطـَة
في مَـدخَـل الحمراءِ .. كان لقاؤُنا
ما أطيبَ اللـقـيا بلا ميعـادِ
عَـيـنَانِ سوداوانِ .. في حَجَريهما
تتوالدُ الأبعادُ من أبعادِ ..
هل أنتِ إسبانيةٌ ؟ ساءلتُها
قالت : وفي غرناطـةٍ ميلادي
غرناطةٌ ! وصحت قرونٌ سبعةٌ
في تينكَ العينينَ بعد رقادي
وأُميةٌ راياتهُا مرفوعةٌ
وجيادُها موصولةٌ بجيادِ
ماأغرب التاريخ كيف أعادني
لحفيدةٍ سمراءَ من أحفادي ..
وجهٌ دمشقيٌ .. رأيتُ خلالهُ
أجفانَ بلقيسٍ , و جيدَ سُعادِ
ورأيتُ منزلنا .. القديمَ وحجرةً
كانت بها اُمي تمدُ وسادي
والياسمينةَ , رُصَّعَت بنجومها
والبركةَ الذهبيةَ الإنشادِ ..
ودمشقُ .. أين تكونُ ؟ قلتُ ترينها
في شعركِ المنسابِ نهر سوادِ
في وجهكِ العربيَّ , في الثغرِ الذي
مازال مختزناً شموسَ بلادي ..
في طيبِ جناتِ العريفِ و مائِها
في الفلَّ ، في الريحانِ ، في الكبادِ
سارت معي والشعرُ يلهثُ خلفها
كسنابلٍ تُركت بغير حصادِ
يتألقُ القرطُ الطويلُ بأُذنها
مثل الشموع بليلةِ الميلادِ
ومشيتُ مثل الطفل خلفَ دليلتي
وورائيَ التاريخُ كومُ رمادِ
الزَخرَفاتُ أكادُ أسمعُ نَبْضَها
والزَركشاتُ على السقوف تُنادي
قالت : هُنا الحمراءُ زَهوُ جدودنا
فاقرأ على جُدرانِها أمجادي
أمجَادُها !!! ومسحتُ جرحاً نازفاً
ومسحتُ جُرحَاً ثانياً بفؤادي
ياليت وارثتي الجميلةَ أدركَت
أن الذين عَنَتهُمُ أجدادي
عانقتُ فيها حين ودَّعتُها
رجُلاً يُسمَّى طارقَ بنَ زيادِ ..
نــزار قباني
k.hv rfhkd yvkh'm yvkhqm yvkh'm k.hv rfhkd