نعم الله على الانسان كثيرة لا يستطيع أحد عدها أو إحصائها لكثرتها ومن أعظم صور النعم التي من الله بها على الإنسان هي نعمة الخلق والإيجاد وخلق الإنسان من العدم، قال تعالى:"يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون"(البقرة:21)، وقد أمرنا اللهسبحانه وتعالى في التفكر في خلقأنفسنا لكي ندرك هذا الكم الهائل من النعم التي وهبها الله للإنسان لكي يعبده و يشكره على ما حاباه من صور النعم المختلفة، قال تعالى:"قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون"(الملك:23).
نعمة النوم
من صور نعم الله سبحانه وتعالى علىالانسانأن خلق لهم النوم لكي يستريحوا من التعب والإعياء وجعله راحة للبدن والنفس فيأخذ الجسم قدرا من الراحة فيستعيد نشاطه للقيام بأعمال أخري من شئون الدنيا والدين قال تعالى:" وهو الذي جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا [الفرقان:47]، فالله سبحانه وتعالى أنعم على الإنسان بهذه النعمة وجعل الكون يظلم وتهدأ فيه الحياة لكي يطيب له النوم ويستريح بعد التعب والمشقة في سبل الحياة المختلفة وهذا النعمة التي لا يدرك قدرها وقيمتها إلا من أصيب بالأرق والقلق فمنعه من النوم، فلا أحد يستطيع الاستغناء عن النوم ولا حياة بدون النوم فهو ضروري من أجل استعادة المخ لنشاطه وللعمليات الحيوية التي تحدث داخل مخ الإنسان.
ولقد حثنا الله تبارك وتعالى في العديد من الآيات القرآنية للتأمل والتدبر في نعمة النوم والتي تتجلي فيها واحدة من صورنعمالله العظيمة على الإنسان، قال تعالى "ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون [النمل:86]، وتأمل في قوله تبارك وتعالى: ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون [الروم:23].
نعمة السمع
السمع هو صوره من صور نعم الله تبارك وتعالى على الإنسان لكي يتعرف من خلالها على العالم الخارجي وهي من الحواس الخمسة التي تعين الإنسان على التعلم والإدراك فهي مصدر للمعرفة حيث يبدأ عمل حاسة السمع منذ الشهر الرابع وهو جنين في بطن أمه فيمكنه سماع الأصوات الخارجية ، كذلك يعمل الجهاز السمعي على حفظ توازن الإنسان فسبحان الله الذي أنعم علينا بصور مختلفة من النعم، قال تعالى :"ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون "[الأحقاف: 26] .
من حكمة الله تعالى في خلق البشر أنه جعلهم يحتاجون إلى سدِّ أفواههم ، و ملء بطونهم ،
و تسكين جوعهم بالطعام , و حَاجَةُ الإِنْسَانِ إِلَى الطَّعَامِ دَلِيلٌ عَلَى ضَعْفِهِ وَ أَسْرِهِ وَ حَاجَتِهِ إِلَى غَيْرِهِ ، وَ نِعْمَةُ
الطَّعَامِ مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ الَّتِي تَحْفَظُ الجِنْسَ البَشَرِيَّ مِنَ الانْقِرَاضِ ، فَلاَ حَيَاةَ لِلْإِنْسَانِ بِلاَ طَعَامٍ .
و الله تعالى لما خلق البشر و جعل الطعام قوامًا لهم وسببا لاستمرار حياتهم رزقهم بأنواع المآكل ، قال تعالى :
( فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ , أَنَّا صَبَبْنَا المَاءَ صَبًّا , ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا , فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا ) عبس , ثم عدد
جل و علا أنواعًا من الطعام . و قال تعالى : ( وَ الأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَ مَنَافِعُ وَ مِنْهَا تَأْكُلُونَ ) النحل .
و جعل سبحانه خلق الطعام لعباده دليلًا على ربوبيته و ألوهيته ، قال تعالى : ( قُلْ أَغَيْرَ الله أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ
السَّمَاوَاتِ وَ الأَرْضِ وَ هُوَ يُطْعِمُ وَ لَا يُطْعَمُ ... ) الأنعام .
و قال تعالى على لسان نبينا ابراهيم عليه الصلاة و السلام معددًا دلائل ربوبية الله تعالى : ( الَّذِي خَلَقَنِي
فَهُوَ يَهْدِينِ , وَ الَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَ يَسْقِينِ ) الشعراء .
و لقد أباح ربنا سبحانه لعباده الطيب و الحلال من الطعام و نهاهم عن الخبيث و الحرام منه , قال تعالى :
( يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ) المائدة ، و قال تعالى : ( اليَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ) المائدة ،
وينبغي على المسلم أن يؤدي نعم الله عليه وذكره وشكره وحسن عبادته وطاعته وأن يؤمن أن كل ما نحن فيه من النعمهي من الله وحده لا شريك له والثناء على الله عز وجل في كل أحواله ويستعين بالله تبارك وتعالى ودعاء الله أن يحفظ لنا ما وهبنا من النعم كما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال:" اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجأة نقمتك وجميع سخطك".