04-25-2014, 06:39 PM
|
|
|
|
بيان النفس اللوامة التي أقسم الله جلّ شأنه بها في القرآن
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بيان النفس اللوامة التي أقسم الله جلّ شأنه بها في القرآن الكريم
أ. د. عاصم بن عبدالله القريوتي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
قال الله تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ.وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [القيامة : 1 ، 2].
ليست { لا } هنا نافية، [ولا زائدة] وإنما أتي بها للاستفتاح والاهتمام بما بعدها، ولكثرة الإتيان بها مع اليمين، لا يستغرب الاستفتاح بها، وإن لم تكن في الأصل موضوعة للاستفتاح.
فالمقسم به في هذا الموضع، هو المقسم عليه، وهو البعث بعد الموت، وقيام الناس من قبورهم، ثم وقوفهم ينتظرون ما يحكم به الرب عليهم.
{ وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ } وهي جميع النفوس الخيرة والفاجرة.
سميت { لوامة } لكثرة ترددها وتلومها وعدم ثبوتها على حالة من أحوالها، ولأنها عند الموت تلوم صاحبها على ما عملت.
بل نفس المؤمن تلوم صاحبها في الدنيا على ما حصل منه، من تفريط أو تقصير في حق من الحقوق، أو غفلة، فجمع بين الإقسام بالجزاء، وعلى الجزاء، وبين مستحق الجزاء.
انتهى من تفسير السعدي رحمه الله.
وقال الشعبي وغيره: الخالق يُقسِم بما شاء من خَلْقه، والمخلوق لا ينبغي له أن يقسم إلا بالخالق. رواه ابن أبي حاتم.
وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك عمر بن الخطاب وهو يسير في ركب يحلف بأبيه فقال ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم من كان حالفا فليحلف بالله ، أو ليصمت. رواه البخاري ـ
وعن ابن عمر رضي الله عنهما سمع رجلاً يقول:لا والكعبة، فقال ابن عمر: لا يحلف بغير الله، فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك".
أخرجه الترمذي وقال عقبه: هذا حديث حسن، وأخرجه أبو داود بلفظ:" فقد أشرك"وأحمد وابن حبان والحاكم وصححه على شرط الشيخين، وأقره الذهبي والبيهقي.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"من قال في حلفه واللات والعزى فليقل لا إله إلا الله رواه البخاري.
وقال ابن القيم رحمه الله:
وأما اللوامة فاختلف في اشتقاق هذه اللفظة هل هي من التلوم، وهو التلون والتردد أو هي من اللوم وعبارات السلف تدور على هذين المعنيين:
قال سعيد بن جبير : قلت لابن عباس : ما اللوامة قال : هي النفس اللؤوم.
وقال مجاهد : هي التي تندم على ما فات وتلوم عليه.
وقال قتادة : هي الفاجرة.
وقال عكرمة : تلوم على الخير والشر.
وقال عطاء عن ابن عباس: كل نفس تلوم نفسها يوم القيامة تلوم المحسن نفسه أن لا يكون ازداد احسانا وتلوم المسىء نفسه أن لا يكون رجع عن إساءته.
وقال الحسن: إن المؤمن والله ما تراه إلا يلوم نفسه على كل حالاته يستقصرها في كل ما يفعل فيندم ويلوم نفسه وإن الفاجر ليمضي قدما لا يعاتب نفسه.
والمراد بالنفس عند القوم : ما كان معلولا من أوصاف العبد مذموما من أخلاقه وأفعاله سواء كان ذلك كسبياأو خلقيا فهو شديد اللائمة لها وهذا أحد التأويلين في قوله تعالى:{ وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ }.
قال سعيد بن جبير وعكرمة : تلوم على الخير والشر ولا تصبر على السراء ولا على الضراء
فهذه عبارات من ذهب إلى أنها من اللوم، وأما من جعلها من التلوم فلكثرة ترددها وتلومها وأنها لا تستقر على حال واحدة والأول أظهر.
فإن هذا المعنى لو أريد لقيل : المتلومة كما يقال : المتلونة والمترددة، ولكن هو من لوازم القول الأول فإنها لتلومها وعدم ثباتها تفعل الشىء ثم تلوم عليه، فالتلوم من لوازم اللوم.
والنفس قد تكون تارة أمارة، وتارة لوامة، وتارة مطمئنة، بل في اليوم الواحد والساعة الواحدة يحصل منها هذا وهذا، والحكم للغالب عليها من أحوالها، فكونها مطمئنة وصف مدح لها، وكونها أمارة بالسوء وصف ذم لها، وكونها لوامة ينقسم إلى المدح والذم بحسب ما تلوم عليه.
من إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان (1 / 77).
وقال رحمه الله أيضا:
"واختلف في النفس المقسم بها ههنا هل هي خاصة أوعامة ؟ على قولين بناء على الأقوال الثلاثة في اللوامة.
فقال ابن عباس : كل نفس تلوم نفسها يوم القيام يلوم المحسن نفسه أن لايكون ازداد إحسانا ويلوم المسيء نفسه أن لايكون رجع عن إساءته.
واختار الفراء قال : ليس من نفس برة ولا فاجرة إلا وهي تلوم نفسها إن كانت عملت خيرا قالت : هلا ازددت خيرا ؟ وإن كانت عملت سوءا قالتك يا ليتني لم أفعل.
والقول الثاني : أنها خاصة.
قال الحسن: هي النفس المؤمنة وأن المؤمن - والله - لاتراه إلا يلوم نفسه على كل حالة لأنه يستقصر في كل ماتفعل فيندم ويلوم نفسه وإن الفاجر يمضي قدما لا يعاتب نفسه
والقول الثالث : أنها النفس الكافرة وحدها. قاله قتاده ومقاتل وهي النفس الكافرة تلوم نفسها في الآخرة على مافرطت في أمر الله
قال شيخنا : والأظهر أن المراد نفس الإنسان مطلقا فإن نفس كل إنسان لوامة كما أقسم بجنس النفس في قوله { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا.فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس : 7 - 9] فإنه لابد لكل إنسان أن يلوم نفسه أوغيره على أمره.
ثم هذا اللوم قد يكون محمودا وقد يكون مذموما كماقال تعالى { فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ.قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ} [القلم : 30 ، 31].
وقال تعالى { يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ } [المائدة : 54]، فهذا اللوم غير محمود.
وفي الصحيحين في قصة احتجاج آدم وموسى"أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن أخلق؟ فحج آدم موسى"،فهو سبحانه يقسم على صفة النفس اللوامة كقوله { إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} [العاديات : 6]، وعلى جزائها كقوله {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } [الحجر : 92] وعلى تباين عملها كقوله { إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [الليل : 4].
وكل نفس لوامة فالنفس السعيدة تلوم على فعل الشر وترك الخير فتبادر إلى التوبة والنفس الشقية بالضد من ذلك.
من "التبيان في أقسام القرآن" لابن القيم رحمه الله.
والحمد لله رب العالمين ..
الجمعية السعوديية العلمية للسنة وعلومها
|
fdhk hgkts hgg,hlm hgjd Hrsl hggi [g~ aHki fih td hgrvNk hggi hgg,hlm hgjd hgkts hgrvNk fdhk fih [g~
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 10:40 PM
|