الخلاف و الاختلاف سنه من سنن الكون وهو القاعدة و التطابق يكاد يكون غير موجود
ونحن نختلف عن بعضنا البعض و نختلف حتى مع أنفسنا
فأنت أمس غير اليوم و أنت غدا غير اليوم لأننا نزداد خبراتنا و ننضج و بالتالي
تختلف رؤيتنا بتقدم العمر
و من هنا كانت فائدة الاختلاف انه تطور وفى الغالب يكون للأفضل
أما الاختلاف مع الأخر فهو ضرورة من ضروريات الحياة
وقال رب العزة تعالى
(( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ.... ))آية 118 من سورة هود
لان التطابق بين الناس يجعل الحياة عقيمة بلا تجديد تخيل أن جميع من حولك يتطابق معك في الفكر هل كنت تجد نصيحة أو استشارة من احد
لكان قتل الإبداع و تعطلت مسيرة الحياة التي لا تمضى غير بالاختلاف
لان الاختلاف يثري الحياة و يدير عجلتها و الاختلاف بالفكر كما الاختلاف بالشكل يزيل الملل و الرتابة
تخيل لو أن كل الطعام واحد و متشابه أو أن كل الوجوه البشرية متشابهة
كيف يكون شعورك كانت ستكون حياة مختلفة تماما
تخيل لو أن قاع البحار و المحيطات متشابه و مستوي كان سوف يتعفن الماء
و يخضر أن وجود اختلاف بقاع البحار يتسبب بحركة الأمواج الرائعة
التي تغسل البحار و تخرج التراكمات العفنة و المخلوقات الميتة منها
أن الاختلاف يجب أن يكون للتطوير للأفضل و البناء و ليس الهدم و الفناء
اختلف كيفما شئت ومع من شئت ولكن لا تنسى أبدا أن يكون خلافك محكوم
و أنت به متحكم لا ينفلت منك ولا يتجاوز كونه انه مجرد خلاف بالفكر
وهو طبيعة من طبيعة البشر لا تدعى الحق المطلق في امتلاك الحقيقة
ولا تجهل من اختلف عنك أو معك وكما قال الإمام الشافعي رحمة الله عليه
( رائي صواب يحتمل الخطاء و رائ غيري خطاء يحتمل الصواب )
و اجعل الخلاف دائما في إطاره و حجمه الطبيعي ولا تخرجه من سياقه و تعطيه اكبر من حجمه
لا تحول خلاف اجتماعي إلى خلاف سياسي ولا خلاف سياسي لخلاف عقائدي ولا خلاف عقائدي لخلاف كوني لان هذا من الخطورة أن يكون خلاف هدم و فناء
ضع الخلاف في نصابه الصحيح و اختلف و أنت مستريح ولا علاج للخلاف غير بالحوار و النقاش
لتجعل من الخلاف وسيلة لتبادل الفكر و إثراء الذات
فأنت عندما تحاور مختلف عنك و حتى و أن كان متطرف الفكر فأنت تساعده و تساعد نفسك
تساعده أن يعبر عما بداخله فينكشف لك و يكتشف هو نفسه فيصلح عيوبه
و اعلم أن المرء مخبوء تحت لسانه فإذا تكلم ظهر فحاور و تناقش
ولكن لا تنكر على احد حقه في أن يكون مختلف عنك لان اختلافه عنك
هو يصب في مصلحتك ليثريك
واعلم انك ما دمت تختلف فأنت لست بميت
و انك حي موجود فانا اختلف أذن فانا موجود .