السؤال :
قرأت فتوى تنص على أنّ قطع الآية أو عدم إكمالها يؤدي إلى الكفر، وفي دروس تعليم القرآن يقوم المدرسون بقراءة بعض الكلمات من الآية دون أن يكملوها ، أو يقوموا بقراءة بعض الكلمات من نصف الآية دون قراءة الآية من بدايتها، فما حكم فعل ذلك إن كانت النية من ذلك تعليم قراءة القرآن وكيفية انسجام كلمات الآية ؟
الجواب :
الحمد لله
هذا الكلام ، بالإطلاق الوارد في السؤال : غلط واضح ، مخالف لما عليه عمل أهل الإسلام ، وأئمة العلم قاطبة ، من إيراد جزء من الآية في مصنفاتهم ، أو دروسهم ، أو خطبهم ، دون التزام بقراءة الآية ، أو كتابتها ، كاملة ، كما هي مثبتة في المصحف الشريف ، وإنما يكتفي في ذلك بإيراد محل الشاهد أو الاستدلال منها ، ما دام المعنى واضحا مفهوما .
ومثل هذا الكلام ، إن كان قد قاله أحد من أهل العلم والدين ؛ فإنه لا يمكن أن يراد به إطلاق معناه ، وتعميم جميع صوره ، كما قد فهم السائل ، وإنما المحمل الوحيد المستقيم له : أن يكون قد أراد بذلك صورة من صور الوقف القبيح الممنوع ؛ كأن يأتي إلى آية مثل قول الله تعالى : ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ) محمد/19 ؛ فيقرأ : ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ ) ، ثم يقف على ذلك ، من غير أن يضطر إلى مثل ذلك الوقف ، ولا يعيد القراءة بما يتبين به المعنى ، ويتم به سياق الكلام .
فمثل هذا الوقف : قبيح ، غاية في القبح ، كما لا يخفى ، ومن تعمده ، وقصد به معناه : فلا شك في كفره .
وهناك أيضا ، وجوه ، وصور أخرى للوقوف القبيحة ، التي يفسد بها معنى الكلام ، أو توهم معنى غير مراد من النص .
قال الزركشي في " البرهان في علوم القرآن " (1/352-353) : " والقبيح هو الذي لا يفهم منه المراد نحو : ( الحمد ) فلا يوقف عليه ، ولا على الموصوف دون الصفة ، ولا على البدل دون المبدل ....
وأقبح من هذا : الوقف على قوله : ( لقد كفر الذين قالوا ) ، ( ومن يقل منهم ) ، والابتداء بقوله : ( إن الله هو المسيح ابن مريم ) ، ( إن الله ثالث ثلاثة ) ، ( إني إله ) ؛ لأن المعنى يستحيل بهذا في الابتداء ، ومن تعمده وقصد معناه فقد كفر .
ومثله في القبح الوقف على : ( فبهت الذي كفر والله ) و ( مثل السوء ولله ) ، وشبهه ، ومثله : ( وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه ) و ( إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى ) .
وأقبح من هذا وأشنع : الوقف على النفي دون حروف الإيجاب ، نحو : ( لا إله إلا الله ) ، ( وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا ) ، وكذا : ( وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم والذين كفروا ) و ( الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم والذين آمنوا ).
فإن اضطر لأجل التنفس جاز ذلك ، ثم يرجع إلى ما قبله حتى يصله بما بعده ، ولا حرج " انتهى .
ينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (206946) .
والحاصل :
أن ما جرى عليه عمل القراء والمعلمين والمصنفين من الاكتفاء ببعض الآية ، أو الوقف على كلمة من أثنائها ، لا حرج فيه ، ما لم يوقع في محظور ، كما سبق بيانه .
والله أعلم .