السؤال:
لماذا يسقط حق المرأة المطلقة في حضانة أولادها إن تزوجت ؟ وما هو السن الذي يستطيع الأطفال فيه اختيار العيش مع الأب أو الأم ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
المرأة إذا تزوجت سقط حقها في الحضانة ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : ( أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي ) رواه أبو داود (2276) ، وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله في " إرواء الغليل " .
قال ابن قدامة رحمه الله في " المغني " (8/195) :
" أَنَّ الْأُمَّ إذَا تَزَوَّجَتْ ، سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : أَجْمَعَ عَلَى هَذَا كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ " انتهى .
وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (20705) .
والحكمة من سقوط حضانة الأم إذا هي تزوجت ، قيل : لانشغالها بحق الزوج ، وقد يترتب على ذلك الانشغال ضياع حق الطفل ، وقيل : خشية المنّة على المحضون ، وقيل : لأن الزوج قد لا يهتم بتربية ذلك الولد ، فيكون في ذلك إضرار بالولد وتضييع لمصالحه .
قال الباجي رحمه الله :
" وَوَجْهُ ذَلِكَ : أَنَّ الصَّبِيَّ يَلْحَقُهُ الضَّرَرُ بِتَكَرُّهِ الزَّوْجِ لَهُ ، وَضَجَرِهِ بِهِ ، وَالْأُمُّ تَدْعُوهَا الضَّرُورَةُ إِلَى التَّقْصِيرِ فِي تَعَاهُدِهِ ؛ طَلَبًا لِمَرْضَاةِ الزَّوْجِ ، وَاشْتِغَالًا بِهِ ، وَذَلِكَ كُلُّهُ مُضِرٌّ بِالصَّبِيِّ ، فَبَطَلَ حَقُّهَا مِنْ الْحَضَانَةِ " انتهى من " المنتقى شرح الموطأ " (6/185) .
وقال البهوتي رحمه الله في " كشاف القناع " (5/500) :
" وَلِأَنَّهَا تَشْتَغِلُ عَنْ حَضَانَتِهِ بِحَقِّ الزَّوْجِ ، فَتَسْقُطُ حَضَانَتُهَا " انتهى .
وجاء في " الشرح الممتع " (13/541) للشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" ثم إن أهل العلم رحمهم الله اختلفوا في علة كون النكاح مسقطاً لحضانة الأم :
فقال بعض العلماء : لما في ذلك من المنة على الطفل المحضون ، إذا عاش تحت حضن هذا الزوج الجديد ، وكل إنسان لا يرضى أن يكون ابنه تحت رجل أجنبي .
وقال آخرون : بل العلة في ذلك الحفاظ على حق الزوج الجديد ، وبناءً على هذا التعليل الأخير لو أن الزوج الجديد وافق على أن يبقى الطفل محضوناً مع أمه : لم يسقط حقها ، ولكن ما ذكره فقهاؤنا رحمهم الله - وهو أقرب التعليلات - أن العلة كون هذا الزوج الجديد أجنبياً من المحضون ، وإذا كان أجنبياً ربما لا يرحمه ولا يبالي به ضاع أم استقام " انتهى .
ثانياً :
الصبي إذا بلغ سبع سنين ، خُيِّر بين أبويه ، فيكون مع من اختار منهما ، إذا كانا جميعاً من أهل الحضانة .
قال ابن قدامة رحمه الله :
" وَإِذَا بَلَغَ الْغُلَامُ سَبْعَ سِنِينَ ، خُيِّرَ بَيْنَ أَبَوَيْهِ ، فَكَانَ مَعَ مَنْ اخْتَارَ مِنْهُمَا " >
انتهى من " المغني " (8/192) .
قال العلماء : ولا يترك الغلام بيد من لا يصونه ويصلح شأنه ، ولو اختاره ، ولو كان هو أحق به من الآخر ؛ لأن المقصود من الحضانة هو حماية الطفل عما يضره ، والقيام بمصالحه ، وهذا المقصود يفوت إذا بقي عند شخص لا يصونه عن المفاسد ، ولا يصلحه بالتربية الطيبة .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" واعلم أن هذه المسائل يجب فيها مراعاة المحضون قبل كل شيء ، فإذا كان لو ذهب مع أحدهما ، أو بقي مع أحدهما ، كان عليه ضرر في دينه ، أو دنياه ، فإنه لا يُقر في يد من لا يصونه ولا يصلحه ؛ لأن الغرض الأساسي من الحضانة هو حماية الطفل عما يضره ، والقيام بمصالحه " انتهى من " الشرح الممتع " (13/545) .
وللفائدة ينظر في جواب السؤال رقم : (153390) .
وينظر للفائدة ، حول ما يتعلق بالبنت والولد ، في أمر الحضانة : جواب السؤال رقم (127610) .
والله أعلم .