في تأخير العشاء
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : أعتم النبي صلى الله عليه وسلم بالعِشاء ، فخرج عمر فقال : الصلاة يا رسول الله !
رقد النساء والصبيان ، فخرج ورأسه يقطر يقول : لولا أن أشق على أمتي -أو على الناس - لأمرتهم بهذه الصلاة هذه الساعة .
في الحديث مسائل :
1- هذا الحديث رواه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : أعتم النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة
حتى ذهب عامة الليل ، وحتى نام أهل المسجد ، ثم خرج فصلى ، فقال : إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي
وفي رواية لمسلم قالت : أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي بصلاة العشاء ، وهي التي تُدعى العتمة
فلم يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قال عمر بن الخطاب : نام النساء والصبيان ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال لأهل المسجد - حين خرج عليهم - : ما ينتظرها أحد من أهل الأرض غيركم ، وذلك قبل أن يفشو الإسلام في الناس.
وفي رواية لمسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : نَظَرْنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة
حتى كان قريب من نصف الليل ، ثم جاء فصلى ، ثم أقبل علينا بوجهه .
ومعنى ( نَظرنا ) أي انتظرنا.
وفي الصحيحين عن أبي موسى رضي الله عنه قال : كنت أنا وأصحابي الذين قدموا معي في السفينة نزولا في بقيع بُطحان
والنبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، فكان يتناوب النبي صلى الله عليه وسلم عند صلاة العشاء كل ليلة نَـفَـرٌ منهم ، فوافقنا النبي عليه الصلاة والسلام
أنا وأصحابي وله بعض الشغل في بعض أمره ، فأعتم بالصلاة حتى ابهارّ الليل ، ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بهم ، فلما قضى صلاته
قال لمن حضره : على رِسلكم ! أبشروا إن من نعمة الله عليكم أنه ليس أحد من الناس يصلي هذه الساعة غيرُكم - أو قال - :
ما صلى هذه الساعة أحدٌ غيرُكم ( لا يدري أي الكلمتين قال ) قال أبو موسى : فرجعنا ففرحنا بما سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال ابن الأثير في " ابهارّ الليل " أي انتصف ، وبُهرة كل شيء وسطه ، وقيل : ابهار الليل إذا طلعت نجومه واستنارت ، والأول أكثر . اهـ .
2- سبقت الإشارة في حديث أبي برزة رضي الله عنه إلى كراهة تسمية العشاء بـ " العَتمة " ، وأن بعض السلف
استعمل هذا التعبير ، بل ورد في بعض الأحاديث ، ومن هنا حمل العلماء النهي على الكراهة .
3- وقت صلاة العشاء إلى نصف الليل
وقد تقدّمت الإشارة إلى حديث عبد الله بن عمرو في المواقيت ، وفيه : ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط . رواه مسلم.
هذا وقت الاختيار ، ووقت الاضطرار يمتد إلى طلوع الفجر.
4- شفقة النبي صلى الله عليه وسلم بأمته ورأفته بهم ، ولذلك قال في هذا الحديث : لولا أن أشق على أمتي
5- فضل تأخير صلاة العشاء لمن لم يشقّ عليه ، ولم يخش غلبة النوم ، فإن كان منفردا فتأخيرها
أفضل ما لم يتجاوز نصف الليل ، وإن كان إماماً راعى حال الناس.
6- فيه دليل على جواز حضور النساء والصبيان للمساجد ، وحضور صلاة العشاء.
وفي حديث أنس رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع بكاء الصبي مع أمه
وهو في الصلاة ، فيقرأ بالسورة الخفيفة ، أو بالسورة القصيرة . رواه البخاري ومسلم.
7- فيه دليل على أن النوم اليسير لا ينقض الوضوء ، وقد تقدّمت هذه المسألة بشيء من التفصيل.
8- فيه الإشارة إلى قوة عمر رضي الله عنه في الحق ، وهذا معروف في سيرته رضي الله عنه .
ولذلك لما نام النبي صلى الله عليه وسلم لم يجرؤ أحد على إيقاظه ، حتى استيقظ عمر رضي الله عنه
فجعل يُكبِّر ، كما في الصحيحين من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه .
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
|
|
|
|
td jHodv hguahx hgu.hx jHodv
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|