الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
نعم ، يجوز ذلك في النافلة ، ولو مِن غير عُذر ، لأن أمْر النافلة مُخفف .
فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُصلّي النافلة في السفر وهو على راحلته .
وصلّى النبي صلى الله عليه وسلم قاعدا .
قَالَ عَبْدُ اللهِ بن شَقِيقٍ : قُلْتُ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها : هَلْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَهُوَ قَاعِدٌ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، بَعْدَ مَا حَطَمَهُ النَّاسُ . رواه مسلم .
وسأل عَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ عَائِشَةَ رضي الله عنها : كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ، وَهُوَ جَالِسٌ ؟ قَالَتْ : كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ فَرَكَعَ . رواه مسلم .
وقَالَتْ عَائِشَة رضي الله عنها : رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا . رواه النسائي .
قَالَ سَعِيدُ بن يَسَارٍ : كُنْتُ أَسِيرُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِطَرِيقِ مَكَّةَ، فَقَالَ سَعِيدٌ: فَلَمَّا خَشِيتُ الصُّبْحَ نَزَلْتُ، فَأَوْتَرْتُ، ثُمَّ لَحِقْتُهُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أَيْنَ كُنْتَ؟ فَقُلْتُ: خَشِيتُ الصُّبْحَ، فَنَزَلْتُ، فَأَوْتَرْتُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَلَيْسَ لَكَ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِسْوَةٌ حَسَنَةٌ؟ فَقُلْتُ: بَلَى وَاللَّهِ، قَالَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوتِرُ عَلَى البَعِيرِ . رواه البخاري ومسلم .
قال ابن رجب : وقد اختلف العلماء في جواز الوتر على الراحلة :
فذهب أكثرهم إلى جوازه، ومنهم: ابن عمر، وروي عن علي وابن عباس، وهو قول سالم وعطاء والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور .
وقال الثوري: لا بأس به، وبالأرض أحب إلي . وكذا مذهب مالك . اهـ .
وقَالَ عَبْد اللهِ بن عَمْرٍو رضيَ اللّهُ عنهما : حُدِّثْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: صَلاةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا نِصْفُ الصَّلاةِ ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ ، فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي جَالِسًا، فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ : مَا لَكَ؟ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو ؟ قُلْتُ: حُدِّثْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَنَّكَ قُلْتَ: صَلاةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا عَلَى نِصْفِ الصَّلاةِ، وَأَنْتَ تُصَلِّي قَاعِدًا ، قَالَ : أَجَلْ، وَلَكِنِّي لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ . رواه مسلم .
قال النووي : وَهَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى صَلاةِ النَّفْلِ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ ؛ فَهَذَا لَهُ نِصْفُ ثَوَابِ الْقَائِمِ ، وَأَمَّا إِذَا صَلَّى النَّفْلَ قَاعِدًا لِعَجْزِهِ عَنِ الْقِيَامِ فَلا يَنْقُصُ ثَوَابُهُ ، بَلْ يَكُونُ كَثَوَابِهِ قَائِمًا ، وَأَمَّا الْفَرْضُ فَإِنَّ الصَّلاةَ قَاعِدًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ لا تَصِحَّ ، فَلا يَكُونُ فِيهِ ثَوَابٌ بَلْ يَأْثَمُ بِهِ . اهـ .
وقال ابن القيم : وَكَانَتْ صَلاتُهُ بِاللَّيْلِ ثَلاثَة أَنْوَاعٍ :
أَحَدُهَا : - وَهُوَ أَكْثَرُهَا - : صَلاتُهُ قَائِمًا .
الثَّانِي : أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي قَاعِدًا وَيَرْكَعُ قَاعِدًا .
الثَّالِثُ: أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ قَاعِدًا ، فَإِذَا بَقِيَ يَسِيرٌ مِنْ قِرَاءَتِهِ، قَامَ فَرَكَعَ قَائِمًا، وَالأَنْوَاعُ الثَّلاثَةُ صَحَّتْ عَنْهُ .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ / عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد