قد تُصيبك همومُ الليل،
ومآسي المساء،
وأحزان النهار؛
من ذلك الصديق الذي لم يُقدِّر ما قمتَ به، وهذا الزميل الذي طعَنك بكلمة دلَّت على ما في قلبه تُجاهك، وأولئك الأقارب الذي لم يَرقُبوا فيك ذمَّة ولا رحِمًا،
والمجتمع الذي لم يُقدِّر جُهْدك وإنتاجك،
والمدير الذي خيَّب أمَلَك،
وحطَّم نشاطَك، وكل هذا لو تدبَّرتَه لوجدتَه لا يساوي شيئًا،
رضا الناس,يعايبو فيك,
الحاقد,كيف تعرف الناس الحاسد والحاقد عليك,كلمات,
شعور,الانسان المكروه من الجميع. لا تهتم برضا الناس,
كلام الناس عنك ,
ولا يستحقُّ كل هذا الاهتمام،
بل إنِّي أَصدُقك القول لأقول لك:
هؤلاء الناس لو كان بيدك رزْقُهم ورزقتَهم،
وبيدك شفاؤهم وشفيتَهم،
وبيدك إسعادهم وأسعدتَهم،
ما أَعطَوكَ من الحمد والثناء والمدح القدرَ الذي يجب لك عليهم،
بل سوف تجد منهم من هو ساخط ناقم،
ولو كنت كاملاً خلقًا وصفة ما رأوا ذلك الكمال، ولا نظروا بعين التمام،
وإن كانوا قد استيقنتْ به أنفسُهم،
فسوف ترى فئامًا من اللئام،
فهل قدمت لهم شيئًا مما قدمه الخالق لهم سبحانه؟! خلَقَهم فعَبدوا غيره،
رزَقهم فشكروا سواه،
له الكمال والجلال والجمال، ومع ذلك ينسبون له ما لا يليق به - سبحانه - من الولد والزوجة،
ويعبدون معه مخلوقًا مثلهم،
ويَصفونه بصفات النقص من الفقر والبخل وغيرها - تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا.
ولقد شكا نبي الله موسى - عليه السلام - ما يلقى من كلام الناس؛ فعن وهب بن منبه أن موسى - عليه السلام - قال: رب،
احبس عني كلام الناس،
فقال الله تعالى:
يا موسى،
ما فعلتُ هذا بنفسي.
فانظر إلى عباد الله الكرماء أهل الكمال في صفات البشر من الأنبياء والرسل،
وصفهم قومُهم بصفات أهل النقص والازدراء من السحرة والكهنة والكذابين،
وهؤلاء ملائكة الله الذين خُلقوا من نور وصفوهم بالإناث والضعف. ثم بعد ذلك تريد منهم أن لا يصفوك بما يغضبك،
فما دام الأمر كذلك، فلا يضرك أن عابوك أو انتقصوك،
أو هضموا قدرك،
أو حطوا من منزلتك. إن الواثق بنفسه لا يهمه تنقصات الناقصين،
ولا ينتظر تصفيق المعجبين؛ فلا تكترث بكلام الناس؛
فإنما هو هباء في هواء. جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -فقال يا محمد،
إن مدحي زينٌ،
وذمي شينٌ،
فقال - صلى الله عليه وسلم - : ((ذلك هو الله - عز وجل)).
نعم الله - عز وجل - هو الذي إن أطعتَه فمدَحَك رفعَك،
وإن عصيته فذَمَّك وضعَك. فكيف تتألم من مخلوقين لن يضعك ذمُّهم،
ولن يقتلك كلامهم،
ولن يوقف رزقَك مهاتراتُهم،
فاصفح عنهم وقل سلام،
وتذكر أن الصفح والعفو من سمات الكرام. رآق لي