نفحات آيمانية ▪● (يهتم بشؤؤن ديننا الإسلامي الحنيف) |
10-05-2015, 07:23 PM
|
|
|
|
حقيقة الافتقار
حقيقة الافتقار
فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي
ما حقيقة الافتقار إلى الله ؟
أولاً :
الافتقار إلى الله في ظاهِرهِ تذلل , تجد رجلاً متعجرفاً , أنا فعلتُ كذا , أنا قادر أن أُنفق كذا , أنا قادر أن أُمرّغَ به الوحل , ممكن , هذا الموقف فيه استغناء واستعلاء , ومعظم المقطوعين عن الله عزّ وجل , لا بدَّ من أن تلمح في سلوكهم هذا الاعتزاز والغرور والاستعلاء والغطرسة والعُنجهية .
ماذا تستنبط من هذه القصة ؟
القصة التي تعرفونها جميعاً : لمّا أحد الملوك اسمه جَبَلةَ بن الأيهم , جاء سيدنا عمر مُسلماً , في أثناء الطواف داس إزاره أحد الأعراب من فزارة بدوي , فالتفت نحوه وهشمه بضربة أصابت أنفه , فاشتكى إلى عمر رضي الله عنه , فجاء طلب هذا الملك , كان ملك الغساسنة , قال له :
أصحيحٌ يا بن أيهم ما ادعى هذا الفزاريُّ الجريح ؟
قال :
لستُ ممن يكتمُ شيئاً أنا أدّبتُ الفتى أدركتُ حقيّ بيديَّ
قال :
أرض الفتى لا بدَّ من إرضائه ما زال ظِفرُكَ عالقاً بدمائهِ
أو يُهشـــــمنَّ الآن أنفُك وتنـــال ما فعـلتهُ كفُك
قال :
كيــــفَ ذاكَ يا أمـير هو سوقـةٌ وأنا عـرشٌ وتاج
كيفَ ترضى أن يَخِرَّ النجمُ أرضاً ؟
قال له عمر :
نزوات الجاهلية ورياح العُنجهية قد دفناها أقمنا فوقها صرحاً جديداً
وتساوى الناسُ أحراراً لدينا وعبيداً
قالَ :
كانَ وهمــاً ما جرى في خَلَدي أنني عِنـــدكمَ أقـوى وأعز
أنا مرتدٌ إذا أكرهتني
قال :
عُنقُ المُرتـد بالسيفِ تُحزّ عالمٌ نبنيه كلُّ صدعٍ فيه بشبا السيفِ يداوى
وأعزُّ الناسِ بالعبدِ بالصعلوكِ تساوى
هذا موقف , فالإنسان لمّا يأخذ موقفاً فيه استعلاء وتكبّر وغطرسة وعنجهية وعرض عضلات وتجبّر , يبدو للناس أنهُ قوي وعزيز , يأتي المؤمن يأخذ موقفاً آخر , موقف التواضع والاستكانة إلى الله عزّ وجل , موقف الاعتراف بالضعف , موقف الاعتراف بالتقصير , يعني تواضع .
اعلم هذا :
أيُهُما أحبُّ للنفس ؟
هنا سُئِل أحد العلماء , قال : الفقر له بداية وله نهاية وظاهر وباطن ، بدايتهُ التذللُ إلى الله ونهايتهُ العِزُّ بالله .
ما في إنسان تواضع لله كرسول الله , دخلَ مكةَ فاتحاً وقد أخرجتهُ وأصحابهُ , وائتمرت على قتلهِ , ونكّلت به وبأصحابهِ ، دخلها فاتحاً , كادت ذؤابة عِمامتهِ تُلامِسُ عُنُقَ بعيرهِ تواضُعاً لله عزّ وجل ، ولا أعلمُ مخلوقاً على وجه الأرض نالَ عِزّاً وشرفاً كرسول الله .
فإذا أنت مُفتقر لله عزّ وجل فيما يبدو للناس , درويش هذا درويش ، متواضع زيادة , إذا كُنتَ مُفتقراً إلى الله عزّ وجل هذه بدايتُك , أمّا نهايتُك أنتَ العزيز ، أنتَ رفيعُ الشأن ، أنتَ مرهوب الجانب ، أنتَ الذي يهابُكَ الناس , فقال : بدايتهُ التذللُ إلى الله ونهايتهُ العِزُّ ، ظاهِرهُ العُدم , قد تملك ألوف الملايين وأنتَ فقير ، أنتَ من خوف الفقر في فقر ، ومن خوف المرض في مرض ، وقد لا تملكُ شيئاً وأنتَ غني .
لذلك النبي الكريم قال :
((أنتَ من خوف الفقر في فقر))
يعني : توقّعُ المصيبةِ مصيبةٌ أكبرُ منها .
إذاً : ظاهِرُ الفقرِ العُدمُ وباطِنهُ الغِنى .
سؤال :
إذا الإنسان افتقر إلى الله ما الذي يحصل ؟
إنهُ يستغني بهِ ، وإذا استغنى بهِ صارَ أغنى الأغنياء ، من هوَ الغنيُّ الحقيقي ؟ هو المُفتقر , لهذا أروعُ كلمة قالها الإمامُ عليُّ كرّمَ اللهُ وجهه قال :
الغِنى والفقر , وسكت , قال : بعدَ العرضِ على الله .
لا يسمى الغنيُّ غنيّاً الآن ، ولا الفقيرُ فقيراً ، غني غِنى طارئاً لسنواتٍ معدودة ، وفقراً طارئاً ، لكنَّ الغِنى الحقيقي أن تُطيعَ الله , وتأتيهِ يومَ القيامةِ ناجيّاً من عذابه , فقال : الغِنى والفقر بعدَ العرضِ على الله .
قالَ بعضهم : إذا صحَّ الافتقارُ إلى الله تعالى صحَّ الاستغناء بهِ , لن تستغنيَّ بهِ إلا إذا افتقرتَ إليه ، إن لم تفتقر إليه لا تستغني بهِ ، لا يَصِحُ استغناؤك إلا إذا افتقرتَ إليه , وإذا صحَّ الاستغناءُ بالله عزّ وجل كَمُلَ غِناك .
أعلى درجات الغِنى أن تكونَ في أدنى درجات الفقر , هذه من المُفارقات .
اسمع هذا الجواب لهذا السؤال :
سُئِلَ بعضُهم : أنفتقرُ إلى اللهِ أم نستغني بهِ ؟ فقالَ : كِلاهُما كِلاهُما , يجبُ أن تفتقرَ إليهِ أولاً , حتى تستغني بهِ ثانياً .
إذا كُنتَ في كُلِ حالٍ معي فعن حملِ زادي أنا في غِنى .
كُن مع الله ترى الله معك , واترك الكُلَّ وحاذر طمعك , وإذا أعطاكَ من يمنعهُ , ثمَّ من يُعطي إذا ما منعك .
أحد العلماء قال : غداً لا يوزنُ الفقرُ والغِنى ولكن يوزنُ الصبرُ والشُكر .
المصدر / موسوعة النابلسي
|
prdrm hghtjrhv prdrm
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
أدوات الموضوع |
إبحث في الموضوع |
|
|
انواع عرض الموضوع |
العرض الشجري
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 02:54 AM
| |