فـليحفظك الله..!
![فـليحفظك الله..!](http://cdn.top4top.net/i_32158f7bb60.gif)
الحمد لله وحده، والصﻼة والسﻼم على من ﻻ نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
قال - صلى*الله*
عليه وسلم -:*)احفظ*الله*
يحفظك، احفظ*الله*
تجده تجاهك(.
فالجزاء من جنس العمل، قوله:*)يحفظك*(*يعني أن من حفظ حدود*الله*
وراعى حقوقه حفظه الله، فإن الجزاء من جنس العمل، كما قال تعالى:*﴿*وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ*﴾*(سورة البقرة، آية 40)، وقال:*﴿*َاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ*﴾*(سورة البقرة، آية 152)، وقال:*﴿*إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ*﴾*(سورة محمد، آية 7).
*أنواع الحفظ*
*وحفظ*الله*
لعبده يتضمن نوعين:*
*أحدهما: حفظه في مصالح دنياه.*
كحفظه في بدنه وولده وأهله وماله. قال تعالى:*﴿*لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ*﴾*(سورة الرعد، آية 11).
قال ابن عباس: هم المﻼئكة يحفظونه بأمر الله، فإذا جاء القدر خلوا عنه.
وقال مجاهد: ما من عبدٍ إﻻ له ملك يحفظه في نومه ويقظته من الجن واﻹنس والهوامّ، فما من شيء يأتيه إﻻ قال: وراءك، إﻻ شيئًا قد أذن*الله*
فيه فيصيبه.
ومن صور حفظ*الله*
للعبد في دنياه:
*حفظه في صحة بدنه:*
أن يحفظه في صحة بدنه وقوته وعقله وماله. قال بعض السلف: العالم ﻻ يخرف. وقال بعضهم: من جمع القرآن مُـتِّع بعقله.
وتأوّل بعضهم على ذلك قوله تعالى:*﴿*ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ*﴾(سورة التين، اﻵيتان 5-6).
وكان أبو الطيب الطبري قد جاوز المائة سنة وهو ممتَّع بعقله وقوته، فوثب يومًا من سفينة كان فيها إلى اﻷرض وثبة شديدة، فعوتب على ذلك فقال: هذه جوارح حفظناها عن المعاصي في الصغر، فحفظها*الله*
علينا في الكبر.
وعكس هذا: أن الجنيد رأى شيخًا يسأل الناس فقال: إن هذا ضيَّع*الله*
في صغره، فضيّعه*الله*
في كبره!!
*حفظه في أوﻻده:*
وقد يحفظ*الله*
العبد بصﻼحه في ولده، وولد ولده. كما قيل في قوله تعالى:*﴿*وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا*﴾(سورة الكهف، آية 82)، أنهما حُفِظا بصﻼح أبيهما.
وقال محمد بن المنكدر: إن*الله*
ليحفظ بالرجل الصالح ولده وولد ولده وقريته التي هو فيها، فما يزالون في حفظٍ من*الله*
وستر.
وقال ابن المسيب ﻻبنه: يا بنيّ ﻷزيدن في صﻼتي من أجلك رجاء أن أُحفظ فيك، وتﻼ هذه اﻵية:*﴿وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا*﴾*(سورة الكهف، آية 82).
*حفظه في أمواله:*
ومتى كان العبد مشتغلًا بطاعة*الله*
عز وجل، فإن*الله*
تعالى يحفظه في تلك الحال.
- كان شيبان الراعي يرعى غنمًا في البرية، فإذا جاءت الجمعة خطَّ عليها خطًّا، وذهب إلى الجمعة، ثم يرجع وهي كما تركها!!
- وكان بعض السلف في يده الميزان يزن بها دراهم، فسمع اﻷذان، فنهض ونفضها على اﻷرض، وذهب إلى الصﻼة، فلما عاد جمعها فلم يذهب منها شيء.
*حفظه من الجن واﻹنس:*
أن يحفظه من شرِّ كل من يريده بأذى من الجن واﻹنس، كما قال تعالى:*﴿*وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا*﴾*(سورة الطﻼق، آية 2).
قالت عائشة - رضي*الله*
عنها -: يكفيه غمَّ الدنيا وهمها.
وقال الربيع بن خثيم: يجعل له مخرجًا من كل ما ضاق على الناس.
وكتب بعض السلف إلى أخيه: أما بعد فإن من اتقى*الله*
فقد حفظ نفسه، ومن ضيّع تقواه، فقد ضيَّع نفسه، والله الغني عنه.
*حفظه من الحيوانات المؤذية:*
ومن عجيب حفظ*الله*
تعالى لمن حفظه أن يجعل الحيوانات المؤذية بالطبع حافظة له من اﻷذى وساعية في مصالحه، كما جرى لسفينة مولى النبي -صلى*الله*
عليه وسلم- حين كُسر به المركب، وخرج إلى جزيرة فرأى السبع فقال له: يا أبا الحارث! أنا سفينة مولى رسول*الله*
-صلى*الله*
عليه وسلم-، فجعل يمشي حوله ويدلّه على الطريق حتى أوقفه عليها، ثم جعل يهمهم كأنه يؤدِّعه وانصرف عنه.
ومن ضيع*الله*
ضيعه*الله*
بين خلقه، حتى يدخل عليه الضرر ممن كان يرجو أن ينفعه، ويؤذيه أخص أهله به وأرفقهم به.
كما قال بعضهم: إني ﻷعصي*الله*
فأعرف ذلك في خلق خادمي و****ي.
فالخير كله مجموع في طاعة*الله*
واﻹقبال عليه. والشر كله مجموع في معصيته واﻹعراض عنه.
*حفظ الدين*
النوع الثاني من الحفظ: وهو أشرفهما وأفضلهما: حفظ*الله*
لعبده في دينه، فيحفظ عليه دينه وإيمانه؛ في حياته من الشبهات المردية، والبدع المضلة، والشهوات المحرمة، ويحفظ عليه دينه عند موته، فيتوفاه على اﻹسﻼم.
وهذا كما حفظ يوسف – عليه السﻼم -، قال:*﴿*كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ*﴾*(سورة يوسف، آية 24)، فمن أخلص لله خلّصه*الله*
من السوء والفحشاء، وعصمه منهما من حيث ﻻ يشعر، وحال بينه وبين أسباب المعاصي المهلكة.
فمن قام بحقوق*الله*
عليه، فإن*الله*
يتكفّل له بالقيام بجميع مصالحه في الدنيا واﻵخرة. فمن أراد أن يتولى*الله*
حفظه ورعايته في أموره كلها فليراع حقوق*الله*
عليه، ومن أراد أن ﻻ يصيبه شيء مما يكره، فﻼ يأت شيئًا مما يكرهه*الله*
منه.
وكان بعض السلف يدور على المجالس ويقول: من أحب أن تدوم له العافية فليتق الله.
وقال العمري الزاهد: كما تحب أن يكون*الله*
لك، فهكذا كن لله عز وجل.
فما يؤتى اﻹنسان إﻻ من قبل نفسه، وﻻ يصيبه المكروه إﻻ من تفريطه في حق ربه عز وجل. كما قال بعض السلف: من صَفَّى صُفِّي له، ومن خلّط خُلِّط عليه.
هذا والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات، والصﻼة والسﻼم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
tJgdpt/; hggi>>! hggi tJgdpt/;
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|