03-11-2023, 01:48 AM
|
|
|
|
الإسلام سبَّاق إلى تقرير حقوق الإنسان
إن الإسلام عقيدة وشريعة، هو دين الله الحق الذي ارتضاه لعباده المؤمنين؛ فهو نظام دين ودنيا، ينظم علاقة المسلم بربه، وبمجتمعه، وينظم حال الجماعة المسلمة بما يصلح حالها، ويضمن الاستقرار اللازم لها؛ لقيام مجتمع آمن يلتزم أفراده فيه بأمر ربه، فبه تهذب النفوس وتصوب الأعمال، والدعوة رسالة شاملة؛ فهي تتعدى الحدود الإقليمية، وهي دعوة عالمية في نظامها وأحكامها التي تستمدها من التشريع الإلهي وهو القرآن الكريم الذي جاء كاملاً وشاملاً لجميع الأحكام والأزمنة والأوقات، وشرع مبادئ العلاقات بين البشر، ومن سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، الذي فسّر وبيّن الأحكام الشرعية للناس كافة.
ولما كانت حقوق الإنسان الشغل الشاغل للبشرية جمعاء، منذ أقدم العصور وحتى يومنا هذا، وهذه من سنن الحياة في الكون، وستظل هكذا طالما في هذا الوجود صراع بين الخير والشر، وبين الظلم والعدل، وبين النفي والإثبات، وبين قوة المساواة، وقوة العنصرية؛ فلذلك كان من أهم إنجازات الإنسانية في نهاية القرن العشرين، بلورة مبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية عَالَمِيًّا، وإقرارها وتنميتها وحمايتها وصونها من الاعتداء عليها.
الحضور الدولي لحقوق الإنسان
فبعد تصاعد الحضور الدولي لحقوق الإنسان، أصبح إلزامًا على المجتمع الدولي والإقليمي والمحلي عبء ومسؤولية للتحرك للحيلولة دون وقوع انتهاكات لهذه الحقوق، كما يجب معاقبة المنتهك لهذه الحقوق، وتعويض المتضرر من تلك الانتهاكات، إلا أن هناك عددا غير قليل من الناس يرى أو يظن أن حقوق الإنسان لم تعرف إلا من قريب، ولم يكن هناك معرفة بحقوق الإنسان في عهد الإسلام الأول، بل هي قوانين عرفتها واستحدثتها الغرب قبل الإسلام، كما يظن بعضهم أن الأديان عموما لم تهتم بحقوق الإنسان.
حقوق عرفتها الأديان السماوية
إلا أنه يمكن القول والقطع بأن حقوق الإنسان أمر لم يستحدثه الغرب، بل هي حقوق عرفتها الأديان السماوية منذ آدم -عليه السلام-، وأن الشرعية الدولية لم تكن أول من سجل الحقوق وألزم بها، ولإثبات ذلك يكفي أن نراجع الكتب السماوية الثلاث-التوراة والإنجيل والقرآن-لنجد أن الحقوق مدونة فيها وواضحة، كما جعلها الله -سبحانه وتعالى-فرائض إلهية، وواجبات شرعية ملزمة لجميع البشر، وفرض على المعتدي عليها جزاء في الدنيا، وعقابا في الآخرة، وكذلك يمكننا القوال بأن الإسلام كان سبّاقًا إلى الحقوق والدعوة إليها تأصيلاً-قرآنًا وسنة -وممارسته في أرض الواقع.
من الواجبات الشرعية الكفائية
والبحث في حماية حقوق الإنسان في الإسلام وتجليتها بأسلوب علمي ومنهجي يعد من الواجبات الشرعية الكفائية، التي تسهم في بيان حقوق الإنسان في الإسلام، والتكريم الإلهي للإنسان من القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة؛ مما تسهم في دفع الشبهات ودحض الاتهامات التي تلصق بالدين الإسلامي، هذا الدين الذي كفل للبشرية جميعا كل الحقوق، دون تفرقة أو تميز.
حقوق الإنسان في الشرائع والأديان السماوية
يعد ظهور الأديان السماوية وخاصة الإسلام والمسيحية علامة فارقة في تطور نظرة المجتمع للإنسان؛ فقد نادت الأديان السماوية بتكريم الإنسان، وأعلت من قيم الحق والعدل والمساواة، وإذا أردنا التطرق لحقوق الإنسان في الشرائع السماوية فيجب التفريق والتمييز بين الأديان (اليهودية، المسيحية، والإسلام) كأديان ساهمت في تأسيس الوعي بحرية الإنسان وحقه في العيش الحر الكريم، وتحريره من كل القيود؛ حيث إن هذه الأديان ذات المصدر الواحد اهتمت اهتمامًا بالغًا بالإنسان وحقوقه لكونه هو مدار الكون ومناط التكريم بصفته الإنساني.
الكتب السماوية المقدسة
وقد حفلت الكتب السماوية المقدسة بحقوق وواجبات تخص الإنسان، وهي مقدسة ولا يجوز مسها أو العبث فيها، ولا يدخلها نسخ ولا تعطيل، ولا تحريف ولا تبديل، فهي ليست كالفلسفات أو القوانين الوضعية التي يضعها الإنسان والقابلة للتغيير في جوهرها أو تبديل نصوصها أو تطويرها متى يشاء وكيفما شاء وفي أي وقت شاء، بل هي حقوق من عند الله- تعالى-مقدسة، حقوق شرعية أبدية لا تتغير ولا تتبدل مهما طال الزمن، لها حصانة ذاتية؛ لأنها من لدن حكيم عليم؛ فالله -سبحانه وتعالى- أعلم بخلقه، وهو -سبحانه- أعلم بمصالح العباد من أنفسهم، أنزل الله -تعالى- بها كتبه، وفرض على العباد حماية هذه الحقوق ورعايتها فيما بينهم، وحرم إهانتها من الاستغلال أو الاضطهاد أو الإهانة، من أجل أن يعيش الإنسان بأمن وطمأنينة، ويعيش في عز وكرامة، كرامة في الحياة، وكرامة بعد الممات، فحقوق الإنسان في الشرائع الدينية لا تقتصر على حياته فقط، فالإنسان مكرم حَيًّا وَمَيِّتًا، وكذلك لا تقتصر عليه في حال الصحة، بل هو مكرم في حال الصحة والمرض، وفي الغنى والفقر، وفي السعة والضيق غير أن هذه الديانات حرفت ولم يسلم من التحريف إِلَّا الإسلام.
إنَّ الإسلام منذ بزوغه جاء بإعلان حقوق الإنسان، وقد دخلت هذه الحقوق حيز التنفيذ منذ معرفة وحدانية الله - سبحانه وتعالى-؛ حيث خلق البشر وكرمهم أحسن تكريم على جميع مخلوقاته؛ بدليل قوله -تعالى في كتابه العزيز-: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} (الإسراء: ٧٠)، ووضع لهم المنهج الذي يسيرون عليه في هذه الحياة، وطلب منهم طاعته وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأولي الأمر، ولكن هذه الطاعة حددها الله - سبحانه وتعالى- في الحدود التي رسمها الإسلام لهم.
محور المسيرة الإنسانية
والإسلام جعل الإنسان المحور المركزي للمسيرة الإنسانية؛ بحيث تصب كل معطياتها وإنجازاتها وطموحاتها في محصلة نهائية هي خير هذا الإنسان؛ لأن الإنسان هو أكرم ما في الوجود وهو فعلا أكرم ما في الوجود، وقد جاء الإسلام ليرى أن هناك واقعا كان يسود فيه الظلم والاستبداد وامتهان لكرامة الإنسان واستباحة لحقوق الإفراد والجماعة، فتعامل معها بواقعية؛ من حيث الصيغ التي وضعها من أجل أن يؤمن للفرد أو الجماعة حقوقهم من ولادتهم حتى لحظة مماتهم فلم يترك شيئا إلا ونظمه.
فمن هنا يمكن أن نقول بأن الإسلام كان السباق إلى تقرير حقوق الإنسان، دون ضغوط وطنية ولا إقليمية ولا عالمية، والقارئ للقرآن الكريم سيجد مئات الآيات التي تقرر حقوق الإنسان على أكمل وجه، وينبغي الإشارة إلى أن حقوق الإنسان التي يقررها الإسلام ليست منة من حاكم ولا من منظمة، وإنما هي حقوق أزلية فرضتها الإرادة الربانية فرضاً، وهي من نعمة الله على الإنسان حين خلقه في أحسن صورة وأكمل تقويمه، قال تعالى:- {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} (التين: 4)، فإقامة العدل بمعانيه، واستئصال الظلم بأبعاده هو المقصد الأساسي للدين، قال -تعالى:- {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ } (الحديد: 25).
إعلاء قيمة الإنسان
لذا جاء الدين الإسلامي وشرّع تشريعات تُعَلي من قيمة الإنسان، ونقلت احترام حقوقه من قدر الفضيلة إلى قدر الفريضة، فأوجب الجميع بالالتزام بها، فكان الإسلام بمثابة ثورة حقيقية لا مثيل لها في التاريخ الإنساني كله، وكان الإنسان وحرياته وحقوقه فيها هو حجر الزاوية في المجتمع الجديد؛ حيث جاء بنظام كامل لتنظيم كافة السلوك الإنساني، فنظم علاقة الفرد بالفرد وعلاقته بالمجتمع وكذا علاقة الحاكم برعيته، وبذلك يكون الإسلام قد أعطى أهمية بالغة للإنسان من خلال إبرازه لأهم حقوقه المتمثلة أساسًا في المساواة والحرية والعدل.
المساواة والحرية
فحقوق الإنسان العامة مثلاً ترجع في الأساس إلى حقين رئيسيين هما المساواة والحرية، كما قال الدكتور على عبد الواحد الوافي -وهو يتحدث عن حقوق الإنسان في كتابه-، والإسلام أول من أكد هذه الحقيقة الأساسية في قصة الحياة البشرية وقيمها المعنوية والحضارية، إلا أن الأمم الديمقراطية الحديثة قد ادعت أن العالم الإنساني مدين لها بتقرير هذين الحقين، والحق أن الإسلام هو أول من قرر هذه المبادئ الخاصة بحقوق الإنسان في أكمل صوره وأوسع نطاق، ولقد جاء الإسلام بتباشير النّور ليبدّد ظلمات السّلوك الإنساني التي سادت لفتراتٍ طويلة، وَلِيَتَأَصَّل أخلاقيّات التّعامل الإنساني، وتسود شريعة كاملة شاملة، تحكم سلوك الأفراد وعلاقاتهم مع بعضهم بعضا، وإن الأمة الإسلامية في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين من بعده كانت أسبق الأمم في السير عليها، فنظم الإسلام إلى جانب العبادات علاقات الإنسان بربه، وفي جانب المعاملات علاقات الإنسان مع الآخرين، فأعطى لكل ذي حق حقه، فجعل لكل من له حق أن يأخذه بتشريع من الله -تعالى-؛ فجعل حقوقا للأحياء وللأموات، وللمريض، والسليم، والرجل والمرأة، والجنين، والطفل، وحتى الحيوان راعى الإسلام حقوقه، وكذا البيئة..إلخ.
هداية القرآن الكريم والسنة النبوية
وقد منّ الله -سبحانه علينا أهل الإسلام- فجعل فينا فقهاء على مر العصور يدركون حاجات مجتمعاتنا، فاجتهدوا في صياغة الأحكام الفقهية وفقاً لمتطلبات العصر، منطلقين من هداية القرآن الكريم والسنة النبوية، وما جاءت به الشريعة من رعاية المصالح والحقوق، ودرء المفاسد والمظالم، ولقد حظيت سائر الحقوق بالدراس
hgYsghl sfQ~hr Ygn jrvdv pr,r hgYkshk hgYkshk jrvdv pr,r
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
3 أعضاء قالوا شكراً لـ رحيل المشاعر على المشاركة المفيدة:
|
|
أدوات الموضوع |
إبحث في الموضوع |
|
|
انواع عرض الموضوع |
العرض الشجري
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 07:40 AM
|