يا نفس تـوبي فإن الموت قد حانا
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد الأمين وبعد،
فبالله عليك يا رفيع القدر بالتقوى لا تبع عزّها بذلّ المعاصي
يقول الله تعالى في القرءان العظيم: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } [سورة الحشر ءاية 18]
إخوة الإيمان إن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم قال حديثا ينفع من عمل به نفعا كبيرا وهو: "ليس الشديد من غلب الناس ولكن الشديد من غلب نفسه". الإنسان أيها الإخوة تعلو درجته عند الله بحسب صبره، والصبر ثلاثة أنواع، الصبر عن المحرمات هذا أشده، هذا أشد أنواع الصبر والثاني الصبر على الطاعات والثالث هو الصبر على المكاره والشدائد والمصائب. فكف النفس عن المحرمات على اختلاف أنواعها هذا أشد أنواع الصبر. وإذا وقفت أخي المسلم على معنى الصبر هو حبس النفس وقهرها على مكروه تتحمله أو لذيذ تفارقه. فاقهر نفسك أخي المسلم وامنعها من الوقوع في الحرام وخاطب نفسك قائلا:
يا نفس تـوبي فإن الموت قد حانا واعصي الهوى فالهوى لا زال فتّانا
في كـل يوم لنـا ميت نشيعـه وننسـى بمصرعه ءاثـار موتانـا
يا نفـس مـالي وللأموال أكنزها خلفي وأخرج من دنياي عريانـا
ترك معصية واحدة أفضل عند الله من عمل ألف حسنة. فارجع بنفسك عن طريق الغفلة وادخل من باب اليقظة وتذكر قول الله تعالى: { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } [سورة الزلزلة، ءاية 7 و8]
ففي الآيتين الترغيب بقليل الخير وكثيره والتحذير من قليل الشر وكثيره. وتذكر أن الحرام ما توعد الله مرتكبه بالعقاب ووعد تاركه بالثواب. تذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة المعراج رأى قوما يتنافسون على اللحم المنتن ويتركون اللحم الجيد المشرح فقال جبريل: " هؤلاء أناس من أمتك يتركون الحلال فلا يطعمونه ويأتون الحرام الخبيث فيأكلونه وهم الزناة".
ورأى أناسا يشربون من الصديد الخارج من الزناة قال له جبريل: " هؤلاء شاربو الخمر المحرم في الدنيا". وتذكر أنك مسئول يوم القيامة عن مالك من أين اكتسبته وأين صرفته فلو اكتسبت المال من حلال فإياك وصرفه فيما حرم الله وتذكر قول الله تعالى: { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [سورة الحجر، ءاية 92 و93]
يُحكى أن رجلا كان يُعرف بدينار العيار، وكان له والدة صالحة تعظه وهو لا يتعظ، فمرّ في بعض الأيام بمقبرة فأخذ منها عظما تفتت في يده ففكر في نفسه. وقال ويحك يا دينار كأني بك وقد صار عظمك هكذا رفاتا، والجسم ترابا فندم على تفريطه وعزم على التوبة ورفع رأسه إلى السماء لأنها قبلة الدعاء ليس لأن الله يسكن فيها، الله لا يحتاج للسماء ولا لغيرها الله موجود بلا مكان، رفع رأسه وقال: إلهي وسيدي ألقيت إليك مقاليد أمري فاقبلني وارحمني، ثم أقبل نحو أمه متغير اللون منكسر القلب فقال: يا أماه ما يصنع بالعبد الآبق إذا أخذه سيده ؟ قالت: يخشن ملبسه ومطعمه ويغل يديه وقدميه. فقال أريد جبة من صوف وافعلي بي كما يفعل بالعبد الآبق، ففعلت به ما أراد، فكان إذا جنّ عليه الليل أخذ في البكاء الشديد ويقول لنفسه ويحك يا دينار ألك قوة على النار كيف تعرضت لغضب الجبار ولا يزال كذلك إلى الصباح، فقالت أمه يا بني ارفق بنفسك. قال دعيني أتعب قليلا لعلي أستريح طويلا يا أماه إن لي غدا موقفا طويلا بين يدي رب جليل، ولا أدري أيؤمر بي إلى ظِلٍّ ظَلِيلٍ أو إلى شَرِّ مَقِيلٍ. قالت يا بني خذ لنفسك راحة قال لست للراحة أطلب كأنك يا أماه غدا بالخلائق يساقون إلى الجنة
dh kts jJ,fd tYk hgl,j r] phkh jt,jd