المهفه رفاهيه وبروده
احتلت "المهفة" مكانة مرموقة ورفيعة في محافظة "دير الزور" قديماً في زمن لم يكن يتواجد فيه مراوح كهربائية ومكيفات وغيرها من الوسائل الحديثة التي تخفف من حرارة الجو فهي وسيلة للترفيه والتباهي والبرودة.
وللحديث عن "المهفة" واستخدامها قديماً في دير الزور التقت مدونة وطن "eSyria" في 12/4/2013 الأستاذ "ملهم الجابر" من حي الشيخ ياسين ويقول: «تعتبر "المهفة" إحدى وسائل الرفاهية قديماً في دير الزور حيث قبل ضيافة الشاي أو القهوة أو أية ضيافة أخرى كان يتم توزيع "المهفات" على الضيوف ويقوم الضيف بتحريكها أمام وجهه لتبعث الهواء الرطب محدثة تياراً هوائياً لطيفاً يخفف من حرارة الجو والحر الشديد، فلم يكن يخلو منزل في دير الزور من عشر مهفات على الأقل، حتى كان جهاز العروس قديماً لا يخلو منها، ولا يزال البعض يحتفظ بها كذكرى باعتبارها من التراث ومن الأشياء التي تستحق أن يحتفظ بها حيث يطلعون أولادهم وأحفادهم عليها ليتعرفوا على الأشياء التي كانوا يستخدمونها قديماً كبدائل للتخفيف من حر الصيف الشديد الذي تميزت به المنطقة».
أما الباحث "كمال الجاسر" فيقول: «"المهفة"
كلمة جاءت من "الهف" أي التحريك باتجاه اليمين واليسار أو من الأسفل للأعلى وهي المروحة اليدوية التي تمسك باليد، و"المهفة" قديماً عبارة عن أداة مربعة الشكل أو مستطيلة مصنوعة من القش أو من سعف النخيل أو القماش، ويوضع بأحد أضلاعها عود طويل يكون بمثابة مسكة، ويدخل في صناعة "المهفة" خامات كثيرة تختلف من نوع لآخر فهناك "مهفة" تصنع من الخشب وخاصة الأخشاب الثمينة التي تشتهر بليونتها ورائحتها الذكية مثل خشب الصنوبر، وكان لها صناعها المعروفون في المنطقة الذين اندثروا مع ظهور الوسائل الحديثة للتبريد مثل المراوح الكهربائية والمكيفات ما أدى إلى استخدامها كديكور في المنازل لتزيين الصالونات بأحجام وأشكال متعددة».
السيدة "صالحة حنيش" أشارت بالقول: «كانت "المهفة" مصدراً للتباهي بين العائلات ولكل عائلة مهفاتها الخاصة بها
والمميزة فإن نوعيتها وشكلها كان يختلف وفقاً للوضع الاجتماعي والاقتصادي للعائلة في دير الزور فهناك من يقتني مهفات مصنوعة من القش أو سعف النخيل، أما بعض العائلات الميسورة والمرموقة فكانت تصنع لها المهفات الخاصة من الصدف والعاج المزخرف والمفرغ كما يدخل في صناعتها ريش الطيور كالطاووس، والقماش المطرز عليه اسم العائلة، ولم يقف التميز فقط في جسم المهفة وإنما امتد ليشمل اليد أي المسكة التي كانت تصنع لتكون ناعمة الملمس ومريحة بالحركة».
وعن سبب استخدام "المهفة" قديماً يحدثنا الدكتور "احمد مرير" ويقول: «إن الهواء الملاصق للوجه مباشرة يسخن ويصبح بمثابة قناع هوائي غير مرئي، فإذا كان الهواء من حولنا ساكناً فإن الطبقة الساخنة الملاصقة للوجه لا تزاح إلى الأعلـى من قبل الـهواء البارد الثقيل إلا ببطء شـــديد، وعندما نزيح عن وجهنا هذا القناع الهوائي الســاخن بواســطة "المهفة" فإننا نجعل الوجه يتلامس مع طبقات متجددة من الهواء البارد، وهكذا نرى أن الوجه يبرد فنشـعر بالرطوبة المنعشة، وبسبب حرارة الجو الشديدة صيفاً في دير الزور لم تكن تخلو المنازل من هذه "المهفات" لتساعد على تبديل الهواء وتحريكه للشعور بالرطوبة»