امتازت محافظة الداير بني مالك الواقعة شرق منطقة جازان بجبالها الشاهقة المتداخلة وأوديتها المنحدرة، وقلاعها وحصونها الأثرية القديمة التي تعد من أكبر التجمعات على مستوى محافظات القطاع الجبلي بجازان.
وتشتهر تلك الحصون والقلاع التي بنيت على سفوح الجبال وقممها، بأشكال هندسية متنوعة ذات طوابق متفاوتة تتراوح ما بين سبعة وعشرة طوابق بحسب القدرة المادية لأصحابها، لتنتظم بيوت القرية بأشكال مختلفة متشابكة مكونة سورًا متماسكًا، تزينه العديد من الرسومات والنقوش التي يعود البعض منها إلى ما قبل الإسلام، ما يدل على قدم الاستيطان والكثافة السكانية والتقدم الكبير في المجال العمراني والزراعي في العصور الماضية.
ويزيد عدد القرى والحصون ذات الطابع التاريخي بمحافظة بني مالك عن 400 قرية وحصن؛ من أهمها: قيار، وذراع الخطم، والثاهر، والخديعي، وريدة، والقزعة، وخدور، والمسيجد، والخطام، والموفا، وعثوان، والعنقة، والشقيق، والمسترب، والعشة، والولجة، والثهير، والخضراء.
واعتمد الأهالي في بناء تلك القلاع والحصون على المواد المستخرجة من البيئة المحلية كالحجر الخالص من الصخور النارية والبركانية؛ حيث يتم استخراج الأحجار من الجبال وترص بشكل هندسي يضمن الترابط والمتانة، وتعبأ الفراغات بالحجارة الصغيرة في تراص بديع، إضافة لاستخدام بعض الأشجار المعمرة كالسدر والعتم الزيتون البري.
ومن جذوع أشجار العرعر والعتم والشدن والإبراء والرقّع والصومل حوامل للسقوف لكونها تتميز بصلابتها ومقاومتها للأمطار والعوامل الجوية، إضافة لتصميم نوافذ القلاع والحصون بطريقة هندسية تسمح بتسلل ضوء الشمس منها، بما يساعد المزارعين على تحديد الزمن بشكل دقيق لمعرفة المواسم الزراعية.
وتتنوع استخدامات هذه القلاع والحصون لتشمل الجوانب الأمنية والمناخية والسكن وخزن الحبوب وحفظ الماشية؛ حيث يخصص الطابق الأرضي للماشية ومعدات الحراثة والطوابق التي تعلوها لخزن الحبوب والغلات الزراعية ثم يكون السكن.