“الأجسام الظاهرة في المرآة تبدو أصغر وأبعد مما هي عليه في الواقع”
هذة الجملة التي لطالما قرأتها منذ صغري بدون أن أقصد شعرت بالاندهاش …
وعندما تقدمت مع العمر بدأت أشعر مع قراءتي لها “بالخوف” لأن الهروب جعلني في غفلة إلى حد أني لم أتجرأ مرة في حياتي وأنظر للأشياء على حقيقتها..
وبعد مواجهتي لنفسي استشعرت أني “لم أنظر حقا في المرأة حتى لا أعرف حقيقة نفسي ومن ثم حقيقة الأشياء”
كل الأشياء المعتادة باتت مملة للغاية وتتخللها الغرابة
كل الكلمات تنطق كأنها ثقل في لساني
وكل الأفكار القديم منها والمستحدث تشكل عصر في تفكيري .. هكذا أصبحت وأمسيت بمليون حال
أصبحت استمع إلى كل الأحاديث برتابة شديدة ..غير مبالي بما يحدث وغير منصت لما حدث …أحاول محاولات مرهقة أن أتفاعل .. أحزن.. أضحك..
حتى لا يصيب عقلي النسيان وحتى لا تبتلي لمعة عيني بالصدأ !
أسير مع التيار
حتى لا يقال أني مسني الجنون أو حتى لا أشعر في نفسي شعورا داخليا أن نفسي غير مألوفة
ثم أقاوم روتيني اليومي مرات بأن أسير عكس الناس ومرات أخرى بأن أسير معهم لان نتائجهم موحدة
أحيانا ترقد وراء شيء لا تعرف ما هو؟ الان انك ترقد فقط لأنك تخاف … تخاف أن تتأخر أو حتى تخاف أن تكون وحيدا
وأكثر اللعنات إصابة تلك التي تشعرك أنك فقدت الشغف وأنت في منتصف منتصف الطريق .. فقدت معظم المعاني الإنسانية التي لم تكن لتتلاشى لولا كل هذا الزحام .. لولا الخوف..
لولا الحياة التي تبدأ صغيرة ثم تكبر بداخلك .. ليس فقط لأنك لم تجد مداواة لما يحدث لك من صدمات رحلت بل لأن كبر ما بعدها حجبها , وهكذا في نفس الدائرة التي لم يستطع أحد منذ قرون الخروج منها.. .
دائرة مغلقة لا تستطيع أن تخلص نفسك منها أو بمعنى أكثر دقة لا تعرف الى أين ستذهب إذا خرجت منها…
فالحقيقة أن هذا العالم المرهق يحتاج منك أن تحافظ على ما تتميز به …
مطالب منك شئت أومجبورا أن تختلف ولا تختلف في الوقت ذاته ..
وهذا يلخص معنى أن يضعك العالم في قمة الإرهاق العقلي الإجباري…
ثم توجهك المحاولات إلى بعض أيام من “العزلة الاختيارية والاستقرار بداخل نفسك” .. وأيام أخرى من “الحبس اللاإرادي داخل عالم البشر”
وعندما تحاول مبتدئا أن ترى الحقيقة ..
ستجد أننا هكذا ولدنا بمنتهى البراءة لا نعرف عن الدنيا الكثير والكثير من الأشياء ثم نكبر العام تلو الأخر حتى تعطينا فتفقدنا … تعطينا فتفقدنا ..!؟
كيف تعطينا ؟!!”
تعطينا كل معنى إنساني في غاية الرقي ثم تضغي أنانية وقسوة العالم علينا فنفقده
ثم نأتي للفكرة الأكثر إيلاما والأكثر صعوبة في التخلص وهي “التعلق” .. تعطينا ما نتعلق به من أشياء وأشخاص “ثم نفقد الأشياء دون أن نشعر.. ونفقد الأشخاص رغما عنا”
قرأت مرة : ” أن الأشياء لن تترك واجباتها الكونية من أجلنا”
لسنا نحن فقط من نفقد مجبورين حتى الأشياء تفقد ما تختاره و تضطر اختيار ما تبقى لها حتى لا تفقده.
كل الأشياء مفقودة والعالم كله فقد في فقد ..
تعجبت كثيرا ثم حضر في بالي علامات استفهام لا حصر لها مثلا !
هل من يحبك .. يحبك بالفعل !
أم أنه وجد عندك شيء زائد أراده حتى يستكمل به نقص ما بداخله … أم أنه مبهورا بشيء ما يميزك عن من تصادف معاهم طيلة حياته
اذا فتشت بمن هم حولك حقيقا لا ادعاء من النفس ستجد من أنت بداخلهم حقا “قليلون”… “قليلون جدا”
تذكر دائما أن جميع الزوائف كانت تبدأ بمحبة للأشخاص وتعلق بالأشياء لسبب ما ميزها عن غيرها…
ومع التجارب الحياتية سيتضح لك أن حقيقة وصدق الشعور لا تحتاج إلى أسباب ومسببات
فالروح لا تتجمل بأشياء حسية والعقل لا يتزين إلا بالحكمة والأفكار الحرة…..
أنا لا أريد أن أميز واقع أو خيال …
لكن الحقيقة لا توصف تشاؤمية أو تفاؤلية … ” الحقيقة حقيقة” بما هي عليه
كل ما هنالك أننا نتناسى أو نسخر من أنفسنا وأحيانا أخرى نتوقف تماما عن التفكير
ثم لا يتبقى لنا في النهاية إلا هوامش اختيارية طفيفة… عليها نسير ومنها نتحمل ما نختاره
والشأن كل الشأن في الطريق ..
الشأن في ما نختاره ونطمئن لاختياره