إشبيلية" مدينة أنيقة، تشهد على ماضٍ مجيد، وتفوح منها رائحة الزهر والليمون،
وتحفظ تراثها بكلّ أمانة، وتعرف جيداً كيف تدلّل زائريها وتضمن لهم إقامةً ممتعة في ربوعها.
"إشبيلية" هي إحدى مدن جنوب إسبانيا، وعاصمة مقاطعة إشبيلية والأندلس المستقلّة.
يقطنها نحو 700169 نسمة. ونظراً إلى موقعها في وسط منطقة زراعية غنيّة، يجتازها نهر الوادي الكبير (غوادالكيفير)،
وتبدو القلب الاقتصادي، والسياسي، والثقافي للأندلس، وتصنّف بين المدن الأكثر أهميّة في البلاد، كما في أوروبا الجنوبيّة.
ماضيها عريق، وإرثها يجعلها قبلة للسائحين، الذين يؤمّونها، للتعرّف على صروحها الأثرية، واحتفالاتها التقليديّة، وتاريخها المجيد...
موقع هذه المدينة يمنحها الميزتين التاليتين: من جهة، يجتازها نهر "غوادالكيفير" الإسباني الصالح للملاحة،
ومن جهة ثانية تشرف "إشبيلية" على سهول واسعة معروفة بخصوبتها.
مناخها...
تستفيد"إشبيلية" من خصائص المناخ المتوسطي، وكذلك من بعض التأثيرات القاريّة، بسبب قربها من القارة الإفريقية.
وعموماً، إن موقعها البعيد عن البحر، في داخل سهول الوادي الكبير (غوادالكيفير)،
يمتعها بمناخ معتدل ولطيف على مدار العام، حيث يتراوح متوسط درجات الحرارة السنوي ما بين 19 5 درجة مئوية.
عناوين بالجملة...
- وسط "إشبيلية" التاريخي:يُطلق عليه اسم "باخيو دي سانتا كروس"، ويمتاز بطرقاته الضيّقة، والمتعرّجة،
واللافت أن هذين الوصفين يعكسان وجه مدينة فخمة، تتمتع بالزهور، وبينابيع الماء التي تُلطّف الأجواء،
وبالصروح الأثرية الجديرة بالاكتشاف، كالكاتدرائية، وباحة أشجار البرتقال،
و"الخيرالدا"، فضلاً عن القصر المحصّن، الذي يعود إلى سنة 884.
وتجدر الإشارة إلى أن "أرشيف جزر الهند" موجود أيضاً في هذه المحلّة، ويسمّى"لا لونخا".
شُيّد في سنة 1572 كمؤسسة للخدمات التجارية، بعد اكتشاف أميركا،
ثم تحوّل إلى مكتبة تضمّ وثائق "العالم الجديد"، في سنة 1785.
وفي المحيط، يمكن زيارة "قصر المطران"، الذي يعود إلى القرن السادس عشر،
كما صرح "سانتا ماريا لا بلانكا" الديني المجاور لحدائق "موريللو"، للتعرّف إلى نموذج عن فن الباروك،
وكذلك "برج الفضّة" العائد إلى الحقبة الإسلاميّة.
"الخيرالدا": تُعدّ "الخيرالدا" أبرز معلم من معالم هذه المدينة، كما يعني اسمها "الدوارة" في اللغة الإسبانية.
وكانت عبارة عن مئذنة في العهد الإسلامي في الأندلس. ولعلّها أقرب إلى أعجوبة هندسيّة،
علماً أنّها كانت تعتبر حتى وقت قريب أعلى مبنى في العالم (طولها 93 متراً)، وتمّ بناؤها في سنة 712 ميلادية،
ومصمّمها عربي عاش في المدينة، ويقال إن من أشرف على البناء هو شاعر يدعى أبو بكر،
لذلك فإن البناء أقرب إلى القصيدة منه إلى بناء من الطوب!
وإذ تغيب السلالم المخصّصة لبلوغها، يدور حولها طريق منحدر صاعد، ويُحكى أنّ المؤذّن كان يصعد إلى قمّتها على صهوة جواد.
وكان مبناها القديم ينتهي بكرات أربع تشير إلى أركان الأرض الأربعة.
وقد أضاف المهندس الإسباني الكاثوليكي هيرنان رويث، في سنة 1568 إليها، أربع منحوتات من عصر النهضة،
وإلى قمتها قطعة متحرّكة تدور وفق اتجاه الريح.
ويبدو، إلى جوار المئذنة، صحن المسجد الذي أصبح يلتصق بالكاتدرائية، التي بناها الملوك الكاثوليك،
بغية استغلال المئذنة كقطعة فنيّة، ضمن ذلك المبنى! وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الكاتدرائية هي المبنى الأضخم في إسبانيا، منذ سقوط الأندلس.
ساحة "سان فرنسيسكو": تقع في قلب "إشبيلية"، وتنظّم فيها الاحتفالات، والأحداث المختلفة،
وعروض مصارعة الثيران، فضلاً عن المحاكمات الرهيبة! وهناك، يتمركز مبنى البلدية.
- "حيّ ماكارينا": يعدّ هذا الحيّ الأكثر شعبيّةً في "إشبيلية"، وتفوح من طرقاته، التي تتضمّن قصور الباروك الجذّابة،
والصروح الدينيّة الأثريّة، الأجواء الأندلسيّة التقليديّة.
- "ساحة سانتا مارتا": تقع هذه الساحة الصغيرة في وسط المدينة.هادئة، تفوح منها رائحة الليمون، علماً أنّه تكثر فيها الأشجار،
وكذلك شذا إبرة الراعي التي تزيّن البوابات المصنوعة من الحديد المطروق.
- متنزه "ماريا لويزا":رسم المهندس المعماري الفرنسي "لو فورستييه" هذا المتنزه، الذي تزينه أشجار الأرز، والليمون،
والدلب الإسباني، وتكثر فيه برك الماء، والينابيع، والشلالات الصغيرة.وهو يضمّ ساحتين، تُصنّفان الأجمل في المدينة،
وهما: "ساحة إسبانيا"، و"ساحة أميركا".وهذه الأخيرة تحتضن "متحف الفنون والتراث الشعبي"،
و"متحف إشبيلية الأثري"، بالإضافة إلى الجناح الملكي.
- قصر "ألكازار":يصنّف هذا القصر المحصّن ضمن القصور الأكثر قدماً في أوروبا،
وهو مدوّن على لائحة "اليونيسكو" للتراث العالمي.إنه عبارة عن مجموعة من القصور المسوّرة المشيّدة من قبل الأمويين،
ابتداءً من سنة 844 تحت حكم الأمير عبد الرحمن الثاني.
- إيلسا ماجيكا (الجزيرة السحريّة): تحلو زيارتها، خصوصاً، برفقة الأولاد، حيث سيتسلّون بالألعاب التي تضمّها