السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روى الإمام أحمد بسنده عن وكيع قال:
قالت أم سفيان لسفيان: يا بني! اطلب العلم وأنا أكفيك بمغزلي .
وقالت له ذات مرة _فيما يرويه الإمام أحمد_:
يا بني إن كتبت عشرة أحرف فانظر هل ترى في نفسك زيادة في خشيتك
وحلمك ووقارك، فإن لم ترَ ذلك فاعلم أنها تضرك، ولا تنفعك .
في هذا الأثر نموذج عالٍ لتربية السلف لأولادهم؛ فأم سفيان _
رحمها الله_ آنست من ابنها النجابة، والألمعية؛ فَعُنيت بتعليمه،
وفَرَّغَتْهُ لذلك الغرض النبيل، وصارت تتعاهده بالنصح، وتتخوله بالموعظة،
وتغاضت عن حقوقها التي تجب على ابنها نحوها؛ فلم يُخِيبِ اللهُ رجاءها؛
حيث أصبح سفيان الثوري فقيهَ العرب، وأميرَ المؤمنين في الحديث،
وأحدَ أصحاب المذاهب الستة المتبوعة فذاقت أمه بره وصار ابنُها حسنةً من حسناتها
التي تضاف _بإذن الله_ إلى رصيد أعمالها.
فهذه الحادثة ترشد الوالد إلى أن يُعنى بتربية ابنه على العلم وسائر الفضائل،
ولو أدى ذلك إلى أن يتغاضى الوالد عن بعض حقوقه؛ فيحسن به إذا آنس من ابنه ذكاءً،
وإقبالاً على العلم أن يعينه على نفسه، وأن يهيِّئ له الجو الملائم؛ فإذا كَبِرَ الولدُ،
ونال من العلم ما نال ذاق والده من بره، ودعائه ما تَقَرُّ به عينُه في العاجل والآجل.
يقال هذا الكلام في حق بعض الوالدين الذين لا يرون البر
إلا من خلال أمور تدور حول خدمة الوالد، والقرب منه.
ولا ريب أن هذه صور عظيمة من البر،
وأنه من أوجب ما يجب على الولد تجاه والده.
ولكن إذا تيسر للوالد أن يقوم بشؤونه، ويتغاضى عن بعض حقوقه من أجل مصلحة
تعود على الولد والوالد، بل والأمة _
فذلك خير وأبقى.
|
|
|
hghlhl hpl] fsk]i rhg uk ;du hpgd ja,di rhg