10-20-2020, 08:20 AM
|
|
|
|
مَهْلاً أَيُّهَا المُحْتَفِلُونَ بِـ(المولدِ النَّبويِّ)
مَهْلاً أَيُّهَا المُحْتَفِلُونَ بِـ(المولدِ النَّبويِّ)
الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسولِ اللهِ وعلى آلهِ وصحبهِ ومَنْ والاهُ.
أمَّا بعدُ:
فَفِي اليومِ الثَّاني عشر منْ شهرِ ربيعِ الأولِ مِنْ كُلِّ سنةٍ هجريةٍ، يَتَداعَى الكثيرونَ مِنْ أبناءِ الإسلامِ في مُختلفِ الأقطارِ الإسلاميةِ للاحتفالِ بمناسبةِ (المولدِ النَّبويِّ)، ويُقدَّرُ عَددُ المرتادِينَ لهذا المولدِ بالملايينِ المملينةِ في بعضِ البلادِ الإسلاميةِ[1].
و تَتعدَّدُ مظاهرُ هذا الاحتفالِ[2]، ويأخذُ ألواناً متنوعةً مِنَ الابتهاجِ؛ حيثُ تُزَيَّنُ المساجِدُ، وتُنْشدُ فِيها القصائدُ الخاصَّةُ بالمولدِ؛ كما في (قصيدةِ البردةِ)، وتُنصبُ الخيامُ الكبيرةُ، وتُغنَّى فيها المدائحُ النَّبويَّةُ، وغالباً ما يُصاحِبُ ذلكَ اختلاطٌ بينَ الجنسينِ، ونوعٌ مِنَ التَّمايلِ والتَّراقصِ، وتُؤْكلُ خلالَ ذلكَ الحلوى المصنوعةُ خصيصاً لهذا المولدِ؛ كما تُرْفعُ الأَعْلامُ، وتُحْملُ الرَّاياتُ المخصَّصةُ لهذهِ المناسبةِ.
وهَكذا تَجْرِي أَحداثُ المولدِ النَّبويِّ، وتَنْقَضِي سَاعَاتُهُ في جَوٍّ، يَطْغى عليه المرحُ والضَّجيجُ، وإِنَّ لَنا - بَعدَ ذلكَ كُلِّهِ - أَنْ نقولَ لأُولئكَ المشاركينَ في (المولدِ النَّبويِّ) - ونَحنُ لَهم نَاصِحونَ مُشفقونَ -: مَهْلاً أَيُّها المحتفلونَ! فَما هَكَذا يَكونُ فَرَحُكم بمولدهِ صَلَّى الله عليهِ وسلَّمَ!! وما هَكَذا يَكونُ تعبيرُكم عنْ محبتهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ!!، وإنَّ الواجبَ عليكم أنْ تَقوموا بِعمليةِ مُراجعةٍ دقيقةٍ لما تَقومونَ بهِ مِنْ أعمالٍ؛ استناداً على أَدواتِ التَّمحيصِ والتَّحقيقِ الماثلةِ في أُصولِ مِنهاجِ النُّبوةِ، وقَواعدهِ الَّتي بِهَا يُعْرفُ الحقُّ منَ الباطلِ، والهدى مِنَ الضَّلالِ؛ كما قَالَ تعالى: ﴿ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الأحقاف: 4].
وفي ذلكَ يَقولُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ - رَحمهُ اللهُ -:
((وَقَدْ طَالَبَ سُبْحَانَهُ مَنْ اتَّخَذَ دِينًا بِقَوْلِهِ ﴿ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ ﴾. فَالْكِتَابُ: الْكِتَابُ، وَالْأَثَارَةُ كَمَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنْ السَّلَفِ: هِيَ الرِّوَايَةُ وَالْإِسْنَادُ، وَقَالُوا: هِيَ الْخَطُّ أَيْضًا؛ إذْ الرِّوَايَةُ وَالْإِسْنَادُ يُكْتَبُ بِالْخَطِّ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَثَارَةَ مِنَ الْأَثَرِ، فَالْعِلْمُ الَّذِي يَقُولُهُ مَنْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ يُؤْثَرُ بِالْإِسْنَادِ، وَيُقَيَّدُ بِالْخَطِّ فَيَكُونُ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ آثَارِهِ))[3].
وتَبقى التَّساؤلاتُ الملِّحةُ:
• مَنْ هُوَ أَوَّلُ مَنِ احتفلَ بـِ(المولدِ النَّبويِّ) في تَاريخِ الإسلامِ؟
• هَلِ احتفلَ سَلفُ الأُمَّةِ الكرامُ مِنَ القرونِ الفاضلةِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهم - بـِ(المولدِ النَّبويِّ)؟
• هَلِ اتَّفقَ المؤَرِّخُونَ على تأريخٍ مُعيَّنٍ لمولدِ النَّبيِّ - صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ -؟
• مَا حُكْمُ الشَّريعةِ في الاحتفالِ بـِ(المولدِ النَّبويِّ)؟
أَقولُ وباللهِ التَّوفيقُ؛ إجابةً لهذهِ التَّساؤلاتِ الملِّحةِ؛ انطلاقاً مِنَ البراهينِ العلميةِ؛ دَاعياً إلى التَّأَمُّلِ فيها بكُلِّ إِنصافٍ ومَوضوعيةٍ:
إنَّ أَوَّلَ مَنِ احتفلَ بـِ(المولدِ النَّبويِّ) في تَاريخِ الإسلامِ، هُمْ (بنو عبيدِ القدَّاحِ)[4]:
خلفاءُ الدَّولةِ الفاطميةِ؛ كما أَبانَ عَنْ هَذهِ الحقيقةِ التاريخيةِ العلامةُ (المقريزيُّ) - رَحمه اللهُ - إذْ يَقولُ تَحتَ عُنوانِ: (ذِكرُ الأيَّامِ الَّتي كَانَ الخلفاءُ الفَاطِميونَ يَتَّخِذونها أَعياداً ومَواسِمَ تَتَّسِعُ بها أَحْوالُ الرَّعيةِ وتَكثرُ نِعَمُهم):
((كَانَ للخُلفاءِ الفَاطميينَ في طُولِ السَّنةِ أَعيادٌ ومَواسِمُ، وهِي: مَوسمُ رَأسِ السَّنةِ، ومَوسِمُ أَوَّلِ العَامِ، ويَومُ عاشَوراءَ، ومولدُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّم...))[5].
فَمنْ هُمْ هَؤُلاءِ (بنو عبيدِ القدَّاحِ)؟
يَقولُ عَنْهم شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية - رحمهُ الله -:
((كَانُوا يُظْهِرُونَ أَنَّهُمْ رَافِضَةٌ وَهُمْ فِي الْبَاطِنِ: إسْمَاعِيلِيَّةٌ ونصيرية وَقَرَامِطَةٌ بَاطِنِيَّةٌ كَمَا قَالَ فِيهِمْ الْغَزَالِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِهِ الَّذِي صَنَّفَهُ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ: ظَاهِرُ مَذْهَبِهِمْ الرَّفْضُ وَبَاطِنُهُ الْكُفْرُ الْمَحْضُ، وَاتَّفَقَ طَوَائِفُ الْمُسْلِمِينَ: عُلَمَاؤُهُمْ وَمُلُوكُهُمْ وَعَامَّتُهُمْ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَغَيْرِهِمْ: عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا خَارِجِينَ عَنْ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ وَأَنَّ قِتَالَهُمْ كَانَ جَائِزًا؛ بَلْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ نَسَبَهُمْ كَانَ بَاطِلًا، وَأَنَّ جَدَّهُمْ كَانَ عُبَيْدَ اللهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحِ لَمْ يَكُنْ مِنْ آلِ بَيْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَنَّفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ مُصَنَّفَاتٍ، وَشَهِدَ بِذَلِكَ مِثْلُ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ القدوري إمَامِ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الإسفرائيني إمَامِ الشَّافِعِيَّةِ، وَمِثْلِ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى إمَامِ الْحَنْبَلِيَّةِ، وَمِثْلِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ إمَامِ الْمَالِكِيَّةِ.
وَصَنَّفَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ ابْنُ الطَّيِّبِ فِيهِمْ كِتَابًا فِي كَشْفِ أَسْرَارِهِمْ، وَسَمَّاهُ "كَشْفَ الْأَسْرَارِ وَهَتْكُ الْأَسْتَارِ" فِي مَذْهَبِ الْقَرَامِطَةِ الْبَاطِنِيَّةِ، وَاَلَّذِينَ يُوجَدُونَ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ مِنْ الإسْماعيليَّة وَالْنُصَيْرِيَّة وَالدُّرْزِيَّةِ وَأَمْثَالِهِمْ مِنْ أَتْبَاعِهِمْ، وَهُمْ الَّذِينَ أَعَانُوا التَّتَارَ عَلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَ وَزِيرُ هُولَاكُو "النَّصِيرَ الطوسي" مِنْ أَئِمَّتِهِمْ، وَهَؤُلَاءِ أَعْظَمُ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلْمُسْلِمِينَ وَمُلُوكِهِمْ))[6].
أَفَبعدَ هَذهِ الحقيقةِ العلميةِ التَّاريخيةِ القطعيةِ، يجوزُ لأَحدٍ أنْ يحتفلَ بالمولدِ النَّبويِّ، أو يبتهجَ بهِ، وهُوَ مِنْ صنيعِ أُولئكَ الملاحدةِ الزَّنادقةِ؟!!
أَمَّا سَلفُ هذهِ الأُمَّةِ الكرامِ مِنَ القرونِ الفاضلةِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهم -؛ فإنَّ أهلَ العِلمَ قَاطبةً اتَّفقوا على أَنَّ وَاحِداً منهم لَمْ يحتفلْ بهذا المولدِ النَّبويِّ، وإِنَّما هو شَيءٌ أُحْدِثَ بعدهم؛ كَما نَقلَ ذلكَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية[7]، والإمامُ الفاكهانيُّ[8]، والعلامةُ ابنُ الحاج[9] - رَحمهم اللهُ.
وَمِنَ الحقَائقِ التَّاريخيةِ الثَّابتةِ أَنَّ المؤرِّخينَ قَدِ اختلفوا في تحديدِ شَهرٍ مُعيَّنٍ، أَوْ يَومٍ معينٍ لمولدِ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -؛ فَقَالَ بَعْضُهم: إِنَّهُ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم وُلِدَ في رَمضانَ، وَقَال آخرونَ: إِنَّهُ وُلِدَ في رَبيعِ الأَوَّلِ.
أَمَّا يَومُ مَولدهِ؛ فقد اختلفوا فيهِ على خمسةِ أقوالٍ: فَقِيلَ: لليلتينِ خَلتَا مِنْهُ، وَ قِيلَ: لِعشرٍ خَلونَ مِنْهُ، وَقِيلَ: لِثمانٍ خَلونَ مِنْهُ، وَ قِيلَ: لاثْنَتيْ عَشرة خَلتْ مِنْهُ، وَ قِيلَ: لِثمانٍ بَقينَ مِنْهُ[10].
علاوةً عَلَى أَنَّ الشَّهرَ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ نَبِيُّنَا مُحمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ هُو الشَّهرُ ذَاتُهُ الَّذِي تُوفِّيَ فيهِ؛ كَمَا نَبَّهَ على ذلكَ غَيرُ واحدٍ مِنَ أهلِ العلمِ المحقِّقينَ[11].
فَهلْ يُعْقلُ - بَعدئِذٍ - أنْ يحتفلَ مُسْلمٌ يُحِبُّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حقٍّا بيومٍ مَشكوكٍ فِيهِ؟! أَوْ يَفرحَ بيومٍ ماتَ فيهِ؟!!
وبعدَ هذه الحقائقِ العلميةِ التاريخيةِ القطعية، نَصِلُ - بإذنِ الله - إلى النَّتيجةِ الحاسمةِ في حُكمِ الاحتفالِ بِـ(المولْدِ النَّبويِّ) - بلا تَلجلجٍ ولا مواربةٍ -، وهو أَنَّهُ لا يجوزُ الاحتفالُ بـِ(المولدِ النَّبويِّ)، وذلكَ مِنْ جهتينِ:
أولاهما: مِنْ جهةِ أصلِ الاحتفالِ؛ والأخرى: مِنْ جهةِ مآلاتهِ وما يَجُرُّهُ مِنْ مفاسدَ عظيمةٍ.
أَمَّا مِنْ جهةِ أصلهِ؛ فَإِنَّهُ مِنَ البدعِ المحدثةِ في الدِّين؛ لأَنَّ الرَّسولَ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لم يَفْعلْهُ، ولا خُلفاؤهُ الرَّاشدونَ، وهُمْ أَعْلمُ النَّاسِ بالسُّنةِ، وأكملُ حُبًّا لرسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومُتابعةً لشرعهِ ممنْ بَعدهُم[12].
وقد ثَبتَ عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّم التَّحذِيرُ الشَّديدُ مِنْ إِحْداثِ البِدعِ والعملِ بها في أَحاديثَ كثيرةٍ، منها:
قَوْلُهُ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم -: ((مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ))[13]، أَيْ: مَردودٌ عَليهِ[14]، وَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم -: ((فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلاَلَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ))[15].
كَذلكَ فإِنَّ إحداثَ مثلِ هذه الموالدِ البدعيةِ فِيهِ مَزلقٌ في غايةِ الخطورةِ، وهو مَاثلٌ في أَنَّ اللهَ سُبحانَه لم يُكملْ دِينَه لهذهِ الأُمَّةِ، وأَنَّ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم لم يُبلِّغْ ما يَنبغي للأُمَّة أَنْ تَعملَ بهِ؛ ومنْ ثَمَّ - وحَاشاه منْ ذلكَ - يَكونُ كاتِماً لأمانةِ البلاغِ الَّتي أَمَرهُ اللهُ تعالى بأدائِها، وفي هَذا مِنَ المضادَّةِ الفَظيعةِ لنصوصِ الكتابِ والسُّنةُ ما اللهُ بهِ عليمٌ؛ كما في قولهِ تَعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً ﴾ [المائدة: 3]، وقولهِ تَعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ﴾ [المائدة: 67].
وليسَ ثَمَّة مجالٌ للشَّكِ في أَنَّ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عَليه وسلَّم قد بَلَّغَ البلاغَ المبينَ، كما ثبتَ في الحديثِ الصَّحيحِ، عنْ عبدِ الله بنَ عَمرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عنهما، قالَ رَسُولُ اللِه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ: ((إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلاَّ كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ))[16].
أَمَّا مِنْ جِهةِ مَآلاتهِ؛ فَإِنَّهُ؛ كما يَحْكي الواقعُ المشاهدُ، يَجُرُّ إلى مفاسدَ عظيمةٍ؛ لعلَّ أَبْرزها مَا يلي:
1- المفاسِدُ الاعتقادِيَّةُ؛ وَهَذا قَائِمٌ في ذَلكَ الغُلُوِّ الشَّنيعِ الَّذي يُخْرِجُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ منْ مَقامِ البشريةِ إلى مقامِ الألوهيةِ، و يُصيِّرهُ - عياذاً باللهِ - رَبًّا يَتوَجَّهُ إليهِ النَّاسُ في دُعَائِهم، وَاسْتغاثتِهم، وطلبِهم للمدَدِ، واعتقادِ أَنَّهُ يَعْلَمُ الغيَبَ، ونحوِ ذلكَ مِنَ الأُمورِ الكُفريةِ الَّتي يَتعاطَاها الكَثيرُ مِنَ النَّاسِ حِينَ احْتفالهم بِمولدِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ[17]، والَّتي مَا بُعِثَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إلا لإبطالِهَا والقَضاءِ عَلَيها.
2- المفاسدُ السُّلوكيةُ والأخلاقيةُ؛ كاختلاطِ النِّساء بالرِّجالِ، واستعمالِ الأَغاني والمعازفِ، وشُربِ المسكراتِ والمخدِّراتِ، وإضاعةِ الأموالِ الطَّائلةِ، وقدْ يَقعُ فِيهِ ما هو أعظمُ منْ ذلكَ كُلِّهِ، وهُو مَا تَراهُ مَاثلاً في تَعطيلِ الصَّلاةِ الَّتي هي أكبرُ شَعيرةٍ في الإسلامِ[18].
وَاللهُ المسْؤولُ أَنْ يُوَفِّقَنا وَسَائِرَ المسلمينَ لِلفقهِ في دِينهِ، والثَّباتِ عَليهِ، وَأَنْ يَمُنَّ عَلى الجميعِ بِلزومِ السُنَّةِ، وَالحَذرِ مِنَ البِدعِ، إِنَّهُ جَوادٌ كَريمٌ.
[1] انظر: كتاب المنتدى "دمعة على التوحيد": (ص/48).
[2] انظر: كتاب المنتدى "دمعة على التوحيد": (ص/48 - 52)، و"تاريخ الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم ومظاهره حول العالم" لمحمد خالد ثابت، والكتاب عليه ملحوظاتٌ منهجيةٌ وعقديةٌ خطيرةٌ؛ فليتنبه لهذا!
[3] "مجموع الفتاوى": (3/316)، و"درء التعارض": (1/32).
[4] انظر: "القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل": (ص/62 - 70 و88) للشيخ إسماعيل الأنصاري؛ فقد أجاد وأفاد في بيان أسماء أهلِ العلمِ الذين أَكَّدوا هذه الحقيقة.
[5] "المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار": (1/490) للمقريزي.
[6] "مجموع الفتاوى": (28/635 - 636).
[7] انظر: "اقتضاء الصراط المستقيم": (ص/295)، و"الفتاوى الحموية": (1/312).
[8] انظر: "الحاوي في الفتاوى ": (1/190 - 192) للعلامة السيوطي.
[9] انظر: "المدخل": (2/11 - 12) لابن الحاج.
[10] انظر: "البداية والنهاية": (2/260 - 261)، و"المواهب اللدنية": (1/131 - 132) للعلامة القسطلاني، و"القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل": (ص/60 - 62).
[11] انظر: "القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل": (ص/62).
[12] انظر: "حكم الاحتفال بالمولد النبوي" للشيخِ ابن باز.
[13] أخرجه البخاري في: "صحيحه": (2/959، رق550)، و مسلم في: "صحيحه": (5/132/ح4589) من حديثِ عائشةَ - رضي الله عنها -.
[14] انظر: "فتح الباري": (20/411).
[15] إسناده صحيح. أخرجه الترمذي في: "سننه": (5/44، رق676).
[16] أخرجه مسلم في: "صحيحه": (6/18/ح4882).
[17] انظر: "حكم الاحتفال بالمولد النبوي" للشيخ ابن باز.
[18] انظر: "أحسن الكلام فيما يتعلق بالسنة والبدعة من الأحكام": (ص/54) للشيخ محمد بخيت المطيعي، و"تفسير المنار": (9/96) للشيخ محمد رشيد رضا، الإبداع في مضار الابتداع"ص/126 - 128) للشيخ علي محفوظ، و"حكم الاحتفال بالمولد النبوي" للشيخِ ابن باز.
lQiXghW HQd~EiQh hglEpXjQtAgE,kQ fAJ(hgl,g]A hgk~Qf,d~A) lQiXghW hglEpXjQtAgE,kQ hgk~Qf,d~A)
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
3 أعضاء قالوا شكراً لـ شموع الحب على المشاركة المفيدة:
|
|
أدوات الموضوع |
إبحث في الموضوع |
|
|
انواع عرض الموضوع |
العرض الشجري
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 12:27 PM
|