جمعت اواصر الصداقة بين الجدي والحمل والعجل فصاروا كالإخوة لا يفترقون ابداً وذات يوم نظر الدي الي الجبل البعيد وقال : هل رأيتما الشمس وهي تختفي خلف ذلك الجبل ذات مساء ؟ فرد عليه العجل قائلاً : انا رأيتها، وقال الحمل : انا ايضاً رأيتها، فقال الجدي : لماذا لا ننطلق حتي نري اين تختفي الشمس ليلاً ؟ فوافقه العجل والحمل .
وانطلق الاصدقاء الثلاثة في طريقهم الي الجبل فاعترض طريقهم قناة صغيرة فقفز الجدي عابراً القناة الي الضفة الاخري وتبعه الحمل، اما العجل فقد فشل في عبور القناة، وكاد أن يغرق لولاد أن انتشله صديقاه وساعداه علي الخروج .فقال العجل : لقد انقذتما حياتي ويسعدني ان احملكما علي ظهري بقية الطريق الي الجبل .. وهكذا حملهما العجل الي الجبل وهناك عثروا علي كيس كبير به فرو نمر وفرو دب وفرو ذئب وفرو ثعلب، ففروا بها وحملوها معهم ثم واصوا سيرهم .
وبعد قليل رأوا كوخاً وسمعوا اصوات غناء تنبعث من داخل الكوخ، فقالوا : ربما كانت هناك وليمة داخل هذا الكوخ .. فلندخل ! وبمجرد أن اطل الاصدقاء الثلاثة من باب الكوخ رأوا شيئاً اثار الفزع في قلوبهم، فقد كان النمر يجلس في صدر الكوخ وعن يمينه يجلس الذئب وعن شماله يجلس الدب وامامهم مائدة عامرة بما لذ وطاب من الاطعمة الشهية، بينما جلس الثعلب في وسط الخيمة يعزف علي الربابة .
وتسمّر الاصدقاء الثلاثة في باب الكوخ وقد ادركوا انهم وقعوا في ورطة لا مخرج لهم منها، اما النمر والدب والذئب والثعلب فقد سروا سروراً كبيراً بهذا الصيد الذي جاء إليهم دون عناء، وغمز الثعلب بعينيه في مكر ثم قال : مرحباً بضيوفنا الاعزاء، لقد جئتم في الوقت المناسب تماماً حتي تحضروا معنا وليمتنا الفاخرة .. اجلسوا يا اولاد .. اجلسوا .
فشعر الاصدقاء الثلاثة بالخطر يحيط بهم لكنهم لم يكونوا قادرين علي الفرار ولذلك جلسوا قريباً من الباب في انتظار ما سوف تسفر عنه الاحداث .. واراد الثعلب ان يسخر منهم فقدم لهم الربابة قائلاً : هلا تفضلتم بالعزف والغناء قليلاً، قبل بدوء الوليمة ؟ فطأطأ العجل رأسه خائفاً ولم يجرؤ علي الامساك بالربابة وتراجع الحمل في صمت بينما تقدم الجدي قائلاً : هات الربابة يا ثعلب انا سأغني لكم .
واخذ الجدي الربابة فراح يعزف عليها ويغني قائلاً : نحن الصيادون الثلاثة، النمر الارقط لا نخافه، وهذا الدب الضخم لا نخافه، والذئب ايضاً لا نخافه والثعلب المكير لا نخافه وحتي الاسد لا نخافه، وإن هجمنا الآن ننزل العقابا فنسلخ جلودكم ونكسر الرقابا .. وسمع الوحوش الاربعة هذه الاغنية الجريئة فأصيبوا بالدهشة وصاح النمر خائفا : من تكونون ايها الضيوف الكرام ؟ فرد الاصدقاء الثلاثة في نفس واحد : نحن صيادوا الوحوش الاغبياء امثالكم، فقال الدب خائفاً : هل انتم حقاً صيادون ؟! فأراه الجدي جلود الحيوانات التي معهم قائلاً : هذه جلود آخر حيوانات صدناها وكنا نقصد السوق لبيعها بعد أن سلخناها ..
وشعر الوحوش بالفزع فقفزوا الي خارج الكوخ في لحظة وكل منهم يحاول النجاة بنفسه .. اما الاصدقاء الثلاثة فقد ماتوا من كثرة الضحك مما رأوه ولم يصدقوا أنهم نجوا من الموت بهذه الحيلة التي لجأ إليها الجدي وبعد أن أكلوا غادروا الكوخ عائدين الي بيئتهم .