02-09-2020, 04:32 AM
|
|
|
|
حديث: (مَن نَفَّس عن مؤمن كُربةً مِن كُرَب...)
حديث: (مَن نَفَّس عن مؤمن كُربةً مِن كُرَب...)
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ( مَن نَفَّس عن مؤمن كُربةً مِن كُرَب الدنيا نَفَّس اللهٌ عنه كُربةً من كُرَبِ يوم القيامة، ومَن يَسَّر على مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عليه في الدنيا والآخرة، ومَن سَتَرَ مسلماً ستره اللهُ في الدنيا والآخرة، واللهُ في عَون العبد ما كان العبدُ في عون أخيه، ومَن سَلَكَ طريقاً يَلتمس فيه علماً سَهَّلَ اللهُ له به طريقاً إلى الجنة، وما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله يتلون كتابَ الله ويتدارسونه بينهم إلاَّ نزلت عليهم السكينةُ، وغَشيتهم الرحمةُ، وحفَّتهم الملائكةُ، وذكَرَهم الله فيمَن عنده، ومَن بَطَّأَ به عملُه لَم يُسرع به نسبُه) رواه مسلم بهذا اللفظ.
1 ــ قوله: "مَن نَفَّس عن مؤمن كُربةً مِن كُرَب الدنيا نَفَّس اللهٌ عنه كُربةً من كُرَبِ يوم القيامة"، الكُربةُ هي الشدَّة والضيق، وتنفيسها إزالتُها، والجزاء على تنفيس كربة في الدنيا أن ينفَّس عنه كُربة من كُرب يوم القيامة، والجزاءُ من جنس العمل، ولا شكَّ أنَّ الجزاءَ فيه أعظم؛ لشدَّة كُرَب يوم القيامة وعظم الفائدة للمكروب في تنفيسها.
2 ــ قوله: " ومَن يَسَّر على مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عليه في الدنيا والآخرة"، وهذا أيضاً الجزاءُ فيه من جنس العمل، والعمل هو التيسير على المُعسر، وذلك بإعانته على إزالة عُسرته، فإن كان مَديناً ساعده بإعطائه ما يقضي به دينه، وإن كان الدَّين له أنظره إن لم يُبْرئه منه، والإبراء خيرٌ من الإنظار؛ لقول الله عزَّ وجلَّ: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ، وقد بيَّن صلى الله عليه وسلم أنَّ الجزاءَ على التيسير تيسيرٌ يحصل في الدنيا والآخرة.
3 ــ قوله: "ومَن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة"، وهذا أيضاً العمل فيه ستر في الدنيا، والجزاء عليه سترٌ في الدنيا والآخرة، والسترُ هو إخفاء العيب وعدم إظهاره، فمَن كان معروفاً بالاستقامة وحصل منه الوقوع في المعصية نوصِحَ وسُتر عليه، ومَن كان معروفاً بالفساد والإجرام، فإنَّ السترَ عليه قد يهوِّن عليه إجرامه، فيستمر عليه ويتمادى فيه، فالمصلحةُ في مثل هذا عدم الستر عليه؛ ليحصل له العقوبة التي تزجره عن العَوْد إلى إجرامه وعدوانه.
4 ــ قوله: "والله في عون العبد ما كان العبدُ في عون أخيه"، هذا فيه الحثُّ على إعانة المسلم أخاه المسلم، وأنَّه كلَّما حصل منه العون لإخوانه فإنَّه يحصِّل بذلك عون الله وتسديده، وهي كلمة جامعة من جوامع كلم الرسول صلى الله عليه وسلم.
5 ــ قوله: "ومَن سلك طريقاً يلتمسُ فيه علماً سهَّل الله له به طريقاً إلى الجنَّة"، فيه الحثُّ على طلب العلم الشرعيِّ وسلوك الطرق الموصلة إلى تحصيله، سواء كان ذلك بالسفر لطلبه؛ أو بالأخذ بأسباب تحصيله، من اقتناء الكتب المفيدة وقراءتها والاستفادة منها، وملازمة العلماء والأخذ عنهم وغير ذلك، والجزاء على ذلك من الله تسهيل الطريق التي يصل بها طالب العلم إلى الجنَّة، وذلك يكون بإعانته على تحصيل ما قصد، فيكون بذلك محصِّلاً للعلم، ويكون أيضاً بإعانته على العمل بما علمه من أحكام الشريعة، وذلك يفضي به إلى دخول الجنَّة.
6 ــ قوله: "وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلاَّ نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرَّحمة، وحفَّتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمَن عنده"، بيوتُ الله هي المساجد، وإضافتها إلى الله إضافة تشريف، والمساجد هي أحبُّ البلاد إلى الله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( أحبُّ البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها) رواه مسلم (671) ، وفيه الحثُّ على الاجتماع في المساجد لتلاوة القرآن وتدارسه، ويكون ذلك بقراءة أحد المجتمعين والباقون يسمعون، وبقراءتهم بالتناوب ليقوِّم بعضُهم بعضاً في القراءة، ويستفيد كلُّ واحد منهم من غيره ما يحصِّل به إجادة القراءة وتدارك الخطأ إن وُجد، وإذا كان فيهم عالم بتفسيره علَّمهم، وإن كانوا من أهل العلم فيه تدارسوا معانيه، ورجعوا في ذلك إلى كتب التفسير في الرواية والدراية المبنية على ما كان عليه سلف هذه الأمَّة، والجزاء على الاجتماع في المساجد لتلاوة القرآن وتدارسه أربعة أمور، هي: نزول السكينة عليهم والطمأنينة، وأنَّ الرحمةَ تغشاهم، أي تشملهم وتغطِّيهم، وأنَّ الملائكة تحفُّهم أي: تحيط بهم، وأنَّ الله تعالى يذكرهم عند الملائكة.
7 ــ قوله: "ومَن بطَّأ به عمله لم يسرع به نسبه"، المعنى: مَن أخَّره عملُه عن دخول الجنَّة لم يسرع به نسبه إلى دخول الجنَّة؛ لأنَّ المعتبَر في ذلك الإيمان والتقوى، كما قال الله عزَّ وجلَّ: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) ، قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (2/308) : "معناه أنَّ العملَ هو الذي يبلغ بالعبد درجات الآخرة، كما قال تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} ، فمَن أبطأ به عمله أن يبلغ به المنازل العالية عند الله تعالى لم يسرع به نسبه فيبلغه تلك الدرجات؛ فإنَّ الله رتَّب الجزاءَ على الأعمال لا على الأنساب، كما قال تعالى: (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ) "، إلى أن قال: "وفي هذا المعنى يقول بعضهم:
لعمرك ما الإنسان إلاَّ بدينه فلا تترك التقوى اتِّكالاً على النسب
لقد رفع الإسلامُ سلمانَ فارسٍ وقد وضع الشرك النسيبَ أبا لهب".
8 ــ مِمَّا يُستفاد من الحديث:
1 ــ الترغيب في تنفيس الكرب في الدنيا، وأنَّ الله تعالى ينفِّس بها كرب يوم القيامة.
2 ــ أنَّ الجزاء من جنس العمل، فالعمل تنفيس كربة، والجزاء تنفيس كربة.
3 ــ الترغيب في التيسير على المعسرين، وأنَّ الجزاء عليه تيسير في الدنيا والآخرة.
4 ــ الترغيب في ستر العيوب حين تكون المصلحة في سترها، وأنَّ الجزاء عليها ستر في الدنيا والآخرة.
5 ــ الحثُّ على إعانة المسلم أخاه المسلم، وأنَّه كلَّما حصل منه العون لإخوانه فإنَّه يحصِّل بذلك عون الله وتسديده.
6 ــ بيان فضل طلب العلم الشرعي.
7 ــ فضل الاجتماع في المساجد لتلاوة القرآن وتدارسه.
8 ــ أنَّ الإيمانَ والعمل الصالح سبب دخول الجنَّة وبلوغ الدرجات العالية عند الله عزَّ وجلَّ.
9 ــ أنَّ شرف النَّسب بدون عمل صالح لا يفيد صاحبَه عند الله.
الموضوع الأصلي: حديث: (مَن نَفَّس عن مؤمن كُربةً مِن كُرَب...) || الكاتب: أميره خالد ||
p]de: (lQk kQt~Qs uk lclk ;EvfmW lAk ;EvQf>>>) gHig ikdzhW 'dfm
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
4 أعضاء قالوا شكراً لـ aksGin على المشاركة المفيدة:
|
|
أدوات الموضوع |
إبحث في الموضوع |
|
|
انواع عرض الموضوع |
العرض الشجري
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 09:29 AM
|