02-21-2019, 07:22 AM
|
|
|
|
|
أوفى من السموءل
أوفى من السموءل
حديثٌ يجرُّ حديثًا، ووفاءٌ يذكِّر بوفاء، وشِعر يذكِّر بشِعر، وما أكثرَ الشَّعرَ في أدبنا وتاريخنا - أمَّةَ العرب - وما أكثرَ القصصَ التي نَدرتْ، فذُكِرت لندرتها أو لسبب! وقصص الوفاء ليستْ قليلةً، اشتهر منها الكثيرُ، ولكنَّ قصةَ السَّموءل مع الكنديِّ امرئِ القيس قصةٌ نادرة، حفظتْها كتبُ الأدب في ثناياها، وأرَّختْها كتبُ الأمثال "فقد جاء في الأمثال: "أوفى من السَّموءل" ما القِصَّة؟ ومَن بطلُها؟
هو السَّموءل بن حيَّان بن عادياء، وهو يهوديٌّ، أودعه الكندي (امرؤ القيس) أدرعًا حين ذهب يَسعى في إعادة مُلْك أبيه، وقال كلمتَه المشهورة:" اليومَ خمر، وغدًا أمر"، فذهبت مثلاً، ثم قال:
خَلِيلَيَّ لاَ فِي الْيَوْمِ مَصْحىً لِشَارِبٍ وَلاَ فِي غَدٍ إِذْ ذَاكَ مَا كَانَ يَشْرَبُ
ثم قال: ضيَّعني صغيرًا، وحمَّلني دمَه كبيرًا، لا صحوَ اليوم، ولا سُكر غدًا.
فلمَّا مات غزاه ملكٌ من ملوك الشام، فتحصَّن منه فأخَذ ابنًا له، وكان خارجًا من الحِصن، وقيل: إنَّه كان متصيِّدًا، فأضحى المصيدَ، فصاح الملك بالسَّموءل، فأشرف عليه فقال: هذا ابنُك في يدي، وقد علمتَ أنَّ امرأَ القيس ابنُ عمِّي ومن عشيرتي، وأنا أحقُّ بميراثِه، فإنْ دفعتَ إليَّ الدروع، وإلاَّ ذبحت ابنك، فقال: أجِّلْني، فأجَّله، فجَمع أهلَ بيته ونساءَه فشاورَهم، فكلٌّ أشار عليه أن يدفعَ الدروعَ، ويستنقذ ابنَه. لكنَّه قال كلمةً - ولا أحلى ولا أجمل -: "إنَّ الغَدْرَ طوقٌ لا يَبلى، ولابني هذا إخوةٌ"، فلمَّا أصبحَ أشرف عليه، وقال: ليس إلى دفْع الدروع سبيل؛ فاصنع ما أنتَ صانع، فذبَحَ الملِكُ ابنَه وهو مشرفٌ ينظر إليه، ثم انصرف الملِكُ بالخَيْبة، فوافى السَّموءل بالدُّروعِ الموسمَ، فدفَعَها إلى ورثةِ امرئ القيس، وقال في ذلك:
وَفَيْتُ بِأَدْرُعِ الْكِنْدِيِّ إِنِّي إِذَا مَا خَانَ أَقْوَامٌ وَفَيْتُ
بَنَى لِي عَادِيًا حِصْنًا حَصِينًا إِذَا مَا سَامَنِي ضَيْمًا أَبَيْتُ
وَقَالُوا عِنْدَهُ كَنْزٌ رَغِيبٌ فَلاَ - وَاللَّهِ - أَغْدِرُ مَا مَشَيْتُ
طِمِرًّا تَزْلَقُ الْعِقْبَانُ عَنْهُ إِذَا مَا نَابَنِي ظُلْمٌ أَبَيْتُ
وقال الأعشى يُخاطب شريحَ بن السموءل بن عادياء، وقيل: شريح بن حصْن بن السموءل، وقيل شريح بن عمران بن السموءل من أبيات:
كُنْ كَالسَّمَوْءَلِ إِذْ طَافَ الْهُمَامُ بِهِ فِي جَحْفَلٍ كَسَوَادِ اللَّيْلِ جَرَّارِ
بِالأَبْلَقِ الْفَرْدِ مِنْ تَيْمَاءَ مَنْزِلُهُ حِصْنٌ حَصِينٌ وَجَارٌ غَيْرُ غَدَّارِ
فَسَامَهُ خُطَّتَيْ خَسْفٍ فَقَالَ لَهُ قُلْ مَا بَدَا لَكَ إِنِّي مَانِعٌ جَارِي
فَقَالَ ثُكْلٌ وَغَدْرٌ أَنْتَ بَيْنَهُمَا فَاخْتَرْ وَمَا فِيهِمَا حَظٌّ لِمُخَتَارِ
فَشَكَّ غَيْرَ طَوِيلٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ اقْتُلْ أَسِيرَكَ إِنِّي مَانِعٌ جَارِي
فَقَالَ تَقْدِمَةً إِذْ رَامَ يَقْتُلُهُ أَشْرِفْ سَمَوْءَلُ فَانْظُرْ فِي الدَّمِ الْجَارِي
أَأَقْتُلُ ابْنَكَ صَبْرًا أَوْ تَجِيءُ بِهَا طَوْعًا فَأَنْكَرَ هَذَا أَيَّ إِنْكَارِ
فَشَكَّ أَوْدَاجَهُ وَالصَّدْرُ فِي مَضَضٍ عَلَيْهِ مُنْطَوِيًا كَاللَّذْعِ بِالنَّارِ
وَاخْتَارَ أَدْرَاعَهُ مِنْ أَنْ يُسَبَّ بِهَا وَلَمْ يَكُنْ عَهْدُهُ فِيهَا بِخَتَّارِ
وَقَالَ لاَ أَشْتَرِي عَارًا بِمَكْرُمَةٍ فَاخْتَارَ مَكْرُمَةَ الدُّنْيَا عَلَى الْعَارِ
وَالصَّبْرُ مِنْهُ قَدِيمًا شِيمَةٌ خُلُقٌ وَزَنْدُهُ فِي الْوَفَاءِ الثَّاقِبُ الْوَارِي
ذُبِح ابنُه على مرأًى منه، وأبى إلاَّ الوفاء، سيرةٌ نادرة لشاعر نادر، وهو ذاته صاحب لامية العَرَب الشهيرة، وسأُفْرِد لها مقالاً خاصًّا |
H,tn lk hgsl,xg g,td hgsl,xg
|
أدوات الموضوع |
إبحث في الموضوع |
|
|
انواع عرض الموضوع |
العرض الشجري
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 07:48 PM
|