تبين الدراسات أن نسبة أطفال التوحد الذين يملكون قدرات خاصة وخارقة هي 10%
يؤكد الخبراء أن كون الشخص مصاباً باضطراب التوحد، لا يعني بالضرورة أن الأشياء التي يمكنه فعلها محدودة.
فبينما يعد التوحد نوعًا من الإعاقة عندما يكون في أشد حالاته، إلا أنه من ناحية أخرى يمكن أن يعني ببساطة أن الشخص الذي يعاني منه يرى العالم بطريقة مختلفة قليلاً، ولكنها كفيلة بجعله موهوباً وعبقرياً في كثير من الأحيان.
وقد يكون التوحد هبة ونعمة أكثر منه نقمة، حيث أن كثيراً من أصحاب العقول العظيمة في العلم أو الفن والأدب كانوا مصابين بإحدى اضطرابات طيف التوحد، ومع ذلك تركوا بصماتهم في هذا العالم وجعلوه مكاناً أفضل.
وتبين معظم الدراسات أن نسبة أطفال التوحد الذين يملكون قدرات خاصة وخارقة هي 10% بينما نسبة الأطفال الموهوبين والمميزين الأسوياء هي 1% فقط، أي أن فرصة امتلاك أحد الأطفال المصابين بالتوحد موهبة تزيد بعشرة أضعاف منها عند الأطفال الأسوياء.
والتوحد، أو "الذاتوية" كما يطلق عليه أحياناً، هو عبارة عن خلل جيني يؤثر على عملية معالجة البيانات في الدماغ، ويجعل الشخص المصاب به يتصف بضعف التفاعل الاجتماعي والتواصل -اللفظى وغير اللفظى- وبأنماط سلوكية مقيدة ومتكررة.
وهو يمثل إجمالاً أحد ثلاثة اضطرابات تندرج تحت ما يعرف بمرض طيف التوحد، إلى جانب "متلازمة أسبرجر" التي يتسم المصاب بها بالتأخر في النمو المعرفي وفي اللغة، و"اضطراب النمو المتفشي"، والذي يتم تشخيصه في حالة عدم تواجد معايير تحديد مرض التوحد أو متلازمة أسبرجر.
ويصاب بمرض التوحد شخص من كل 1000 في جميع أنحاء العال، ويبلغ عدد المصابين به من الذكور أربعة أضعاف الإناث، في حين أن الأطفال المصابين به ترتفع احتمالية أن يكون أحدهم عبقرياً بمقدار عشرة أضعاف ما هو محتمل لدى الأطفال الأسوياء.
وكما يبين العلماء، فإن التوحد غير قابل للشفاء، ولا يمكن التخلص منه نهائياً، غير أنه من الممكن تدريب المتوحدين على سلوكيات معينة، وتصرفات، وتدريبه على تفريغ غضبه بطريقة أخرى مناسبة.
القدرة الموسيقية
من السمات التي تميز أطفال التوحد، أن كثيراً منهم يحبون سماع الموسيقى ويستطيع بعضهم ترديد مقاطع بعض الأغاني حتى وإن كانت طويلة وبدقة متناهية.
ويظهر بعض الأطفال المصابين بالتوحد موهبة موسيقية خاصة مثل العزف على بعض الآلات التي لم يسبق لهم تعلم العزف عليها، لدرجة أن باستطاعة بعضهم عزف الألحان التي يستمعون لها لمرة واحدة بشكل دقيق، وكذلك تسمية أي لحن يستمعون إليه.
كما أن البعض منهم يمتلك أذناً حساسة تستطيع التمييز بين التركيبات الموسيقية والتعرف على مقاطعها المتكررة وعزف المقاطع الموسيقية بطرق مختلفة، وكما هو الحال بالنسبة للقدرة على الرسم فإن القدرة الموسيقية لا تظهر إلا عند قليل من الأطفال المصابين بالتوحد. مهارات الحفظ والحساب
يلاحظ على الأطفال المصابين بالتوحد قدرتهم على الحفظ فبإمكانهم تخزين قوائم المعلومات في ذاكرتهم وحفظها لفترات طويلة بنفس التفاصيل دون أن يحدث لها أي تغيير يذكر.
ومن الظواهر الفردية التي كان يعتقد أنها مؤشر على قدرة الحفظ ما يتعلق بحساب التقويم وهي القدرة على تسمية أي من أيام الأسبوع سيصادف تاريخاً معيناً التي اتضح أنها ليست مجرد قدرة على الحفظ لأن هناك تواريخ كثيرة حدثت في الماضي أو ستحدث في المستقبل، وكل هذه المعلومات لا تتوفر في تقويم محدد وبالتالي لا يمكن أن يكون الطفل قد حفظها. قدرات أخرى
من القدرات الأخرى لدى الأطفال المصابين بالتوحد تبرز مهارة تجميع أجزاء الألغاز المصورة حتى وإن كانت تفوق العمر الزمني للطفل، وفي بعض الأحيان يستطيع الطفل المصاب بالتوحد تجميع هذه الألغاز وهي مقلوبة.
وهذا يدل على أنهم لا يعتمدون على الصورة بل إن بإمكانهم الاستعاضة بمؤشرات أخرى مثل شكل القطعة أو ملمسها.
ومن جهة أخرى هناك الكثير من الروايات تشير إلى قدرة فائقة على إعادة تركيب أجزاء الأجهزة أو النماذج لدى بعض الأطفال المصابين بالتوحد مثل أجهزة الراديو والمسجل. عباقرة متوحدون تزخر الذاكرة بالعديد من عباقرة العلوم والفن والأدب ممن لا يعرف كثيرون نهم كانوا مصابين باضطراب التوحد، ومن هؤلاء:
- ألبرت أينشتاين، العالم الذي طور النظرية النسبية؛ وكان يعاني من متلازمة أسبيرجر وهو أدنى درجة من التوحد الذي لا يؤدي إلى صعوبات في التعلم، وكان منعزلا يكرر الجمل بهوس حتى سن السابعة، وعندما أصبح يافعا كان يلقي محاضرات صعبة الفهم وقد كان يسمى الأستاذ غائب العقل.
- ستيفن سبيلبرغ الذي يعد من أنجح مخرجي السينما، وقد أخرج أربعة من بين أعظم عشرة أفلام حققت أعلى إيرادات في التاريخ، ومنها: "E.T".
- بيل جيتس مؤسس شركة مايكروسوفت وإمبراطور الكمبيوتر، والذي تشير تقارير الى ان فحصه الطبي اظهر انه ما يزال حتى الآن يعاني من عارض أسبيرجر، وقد كان في طفولته فضوليًا وغريب الأطوار، وفي شبابه لم يكن متزنًا.
- فينسنت فان جوخ الرسام والفنان الانطباعي الهولندي الذي تعد لوحاته من الاغلى سعرا في العالم.
- إسحاق نيوتن، صاحب قوانين الحركة والجذب العام التي سيطرت على رؤية العلماء. وكان يعاني من صفات توحدية، فلا يستطيع التأقلم مع الناس، ويتكلم قليلًا،
- دانييل تامت الكاتب والعالم في مرض التوحُّد، والذي يتحدث 11 لغة مختلفة، ويتفوق على الآلة الحاسبة في سرعة إجراء العمليات الحسابية، ويتذكر الآلاف من أرقام الهواتف. وقد تم إدراج اسمه ضمن قائمة من 50 عبقريٍاً حول العالم وصلوا إلى درجة خارقة من الذكاء يتفوقون بها على باقي البشر.
وتطول قائمة العظماء والمشاهير الذين يعانون من احد اطياف التوحد، ومنهم على سبيل الذكر الرئيس الاميركي الاسبق توماس جيفرسون، والمخرج الاميركي وودي الان، ومخرج الروائع البريطاني الفريد هيتشكوك، ومهندس الكهرباء والميكانيك الفذ نيكولا تيسلا، وهو صاحب تصميم نظام التيار المتردد الرئيسي الذي يستخدم في بطاريات السيارات التي تحمل اسمه اليوم، وكذلك لاعب كرة القدم الشهير ليونيل ميسي، ومعجزة الغناء الايرلندية سوزان بويل، وغيرهم كثير.