روت عائشة الأسمري، سجينة محايل "أم الأيتام"، لـ"سبق" لحظات الرعب والخوف التي عاشتها طيلة سنتين قبل أن يستقر بها المقام في سجن بريمان بجدة، ومنه إلى سجن محايل الذي قضت فيه شهرًا وأيامًا عدة قبل أن يوجِّه أمير عسير، الأمير فيصل بن خالد، بسداد دينها، وإطلاق سراحها.
وفي التفاصيل، غادرت "الأسمري" السجن بعد صلاة ظهر أمس الأربعاء؛ لتقطن في شقة بالإيجار، تقيم بها في محايل برفقة بناتها وزوجها. وقالت لـ"سبق": فرحتي لا توصف أن أكون هذا المساء بين بناتي، ولا أملك إلا أن أحمد الله وأشكره أولاً، ثم أشكر الأمير فيصل بن خالد الذي فرّج كربتي، ووجّه بسداد ديني، وإطلاق سراحي.
واستعرضت السنتين اللتين عاشت فيهما مع زوجها وبناتها مشردين بين المنطقة الجنوبية والشرقية والغربية قبل أن يلقى القبض عليها، وتُسلم لسجن بريمان بجدة، وتمكث فيه أسبوعًا قبل أن تُقتاد للمطار في ذلك المساء الذي لن تنسى عتمته؛ لتركب طائرة حطت بها في مطار أبها، وتُنقل برًّا برفقة عضو هيئة ورجل أمن لتسلم لشرطة محايل، وتمكث هناك يومًا وليلة قبل أن تحال للسجن.
وأضافت: نُقلت دون علم زوجي وبناتي لأدخل سجن محايل إثر مطالباتي بمبالغ مالية، فاقت المائة ألف ريال، كانت عبارة عن مبيعات مختلفة، بينها صفقة مكيفات من إحدى النساء، حُسبت عليَّ بـ 80 ألف ريال، ومُنحت 40 ألفًا فقط من البائعة نفسها دون أن أرى تلك المكيفات. وتابعت: دفعني إلى تلك الديون حرصي على أن ألبي لبناتي كل احتياجاتهن، وألا يظهرن أقل من غيرهن، إلى جانب شراء أكثر من سيارة؛ لتتراكم علينا الديون. وقالت إن كثرة الاستدعاءات من الشرطة لي ولزوجي جعلتنا نهرب إلى المنطقة الشرقية، ونقضي فيها سنتين، قبل أن ننقل لجدة، ويُلقَى القبض عليّ، وتبدأ رحلة العذاب والفقد.
وأردفت: ما دفعني للهرب هو الخوف على بناتي.. إلا أن المكتوب لا مفر منه. وأضافت: قالت لي مديرة القسم النسائي بسجن محايل لحظة الإفراج عني "لا أريد أن تعودي للديون؛ لكي لا أراك مرة أخرى هنا". فما كان مني إلا أن أجبتها "لن تريني إلا في دين لتوفير منزل لبناتي".. فذرفت دمعتها على خدها.
وأبانت أنها كانت السجينة السعودية الوحيدة بين عدد من السجينات من جنسيات مختلفة.
وقالت: إننا لا نملك منزلاً، وقد تبرعت محسنة بمنزلها لنا في محايل للسكن فيه لوجه الله بعد أن حاصرتنا الديون قبل أن نهرب إلى المجهول خوفًا من السجن.
وتعول عائشة الأسمري خمس بنات، بينهن يتيمتان. وقالت أخشى ما أخشاه هو سجن زوجي الذي يطالَب هو الآخر بـ 85 ألف ريال. وأضافت بأن قرار فصلي وزوجي من عملنا بإحدى الإدارات الحكومية بمحايل صدر في يوم واحد بعد غيابنا وتشردنا خوفًا من السجن بسبب الديون المتراكمة علينا.. إلا أنها أكدت أن فرحة هذه الليلة لا توصف بوجودها بين أفراد أسرتها مجددًا.
وقالت: حال ضيق ذات اليد دون مواصلة بناتي تعليمهن.
من جهته، عبّر زوج عائشة عن عظيم شكره لصاحب الأيادي البيضاء الأمير فيصل بن خالد، الذي جمع شتاتهم بعد تفرق. وقال: إن خدماتي موقوفة أيضًا في دَيْن يبلغ 85 ألف ريال، وأخشى أن يكون مصيري كمصير زوجتي، إلا أن أملي في الله كبير، ثم في أصحاب القلوب الرحيمة.
وقالا: نحلم أن يُنظر في قرار فصلنا وعودتنا إلى عملنا؛ لنعيش حياة مستقرة.