التوحد بناءً على الدراسات الأخيرة والتي أجريت على مستوى العالم فإنّ حالات الكشف عن الإصابة بمرض التوحد (بالانجليزية:Autism) أو ما يُعرف باضطرابات طيف التوحد (بالانجليزية: Autism Spectrum Disorders - ASD) في ازدياد، وفي الحقيقة يبدأ التوحد في مرحلة الطفولة؛ حيث يتم الكشف عنه غالباً خلال السنوات الخمس الأولى من عمر الفرد، وتستمر الإصابة به طوال فترة الحياة، ويمكن القول إنّ التوحّد يتمثّل باضطرابات في سلوك المصاب، ومهاراته الاجتماعية، ولغته، بالإضافة إلى الاهتمام بمجموعة معينة من الأنشطة التي يمارسها بشكل متكرر والتي تختلف من طفل لآخر.[١] تشخيص التوحد أوصت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (بالإنجليزية: (The American Academy of Pediatrics (AAP) بإجراء فحوصات لجميع الأطفال عند الزيارة الدورية للطبيب للكشف عن أي اضطرابات في النمو أو السلوك؛ فالكشف المبكر عن المرض يساعد على البدء بعلاج الطفل ومساعدته مبكراً أيضاً.[٢] ومن الجدير بالذكر أنّ الأطباء يواجهون صعوبة في تشخيص البالغين بسبب تشابه أعراض التوحد مع أعراض بعض الإضطرابات العقلية الأخرى ونذكر منها الفُصام (بالإنجليزية: Schizophrenia) واضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (بالإنجليزية: Attention deficit hyperactivity disorder).[٣] يشترط الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية الخامس (بالإنجليزية: The American Psychiatric Association’s Diagnostic and Statistical Manual, Fifth Edition (DSM-5) وجود خمسة نقاط أساسية لتشخيص الإصابة بالتوحد؛ وفي ما يلي بيان ذلك:[٤] ضعف مستمرّ في التواصل الاجتماعي والعاطفيّ، ويكون متفاوتاً في شدّته وهيئته بين المصابين، ومن أمثلته ما يلي: صعوبة إتمام المحادثات أو البدء بها بشكل سليم، أو تجنّب مشاركة المشاعر أو الاهتمامات مع الآخرين. مواجهة صعوبة في التواصل البصري أو في فهم لغة الجسد واستيعاب تعابير الوجه. صعوبة في فهم العلاقات والحفاظ عليها، أو صعوبة في التعبير عن الاهتمامات والمشاعر وتكوين الصداقات. القيام بأعمال على نحو متكرر، ومحدودية الاهتمامات والأنشطة؛ ويظهر كالتالي: اعتماد أسلوب مكرّر في نمط أنشطته اليومية، مثل ترتيب الأشياء أو الألعاب بطريقة نمطية خاصة، أو تكرار كلمات أو أصوات معينة وهو ما يُعرف باللفظ الصدوديّ (بالإنجليزية: Echolalia). إظهار مقاومة لأي تغيرات قد تطرأ على نظامه اليوميّ وروتينه. الاستجابة بشكل غير طبيعيّ للتغيرات الحسيّة، كسماع الأصوات وتغير الرائحة. التعلق الشديد بأشياء معينة. ظهور الأعراض في سنّ التطور والنمو، ولكن في حقيقة الأمر قد تتأخر ملاحظة الأعراض أحياناً إلى مراحل عمرية أكثر تقدّماً. تأثير الأعراض بشكل كبير في نشاط المصاب الاجتماعي والوظيفي. عدم ارتباط الأعراض باضطرابات أخرى مثل اضطرابات العقل الإنمائية (بالإنجليزية: Intellectual developmental disorder). ويُنصح باستشارة أطباء مختصّين في طب الأطفال التنموي، أو أخصائيي أمراض نفسية، أو أخصائيي أمراض عصبية للأطفال، وذلك للمزيد من التقييم.[٥] عوامل خطورة وأسباب الإصابة التوحد ترتبط الإصابة بالتوحد بعوامل عديدة قد تشمل خليطاً من العوامل الوراثية والبيئية، ولا يمكن الجزم بالمسبّب أو عامل الخطورة الرئيسيّ، ونذكر منها ما يلي:[٦] عوامل وراثية؛ إذ إنّ إصابة أحد الأبناء بالتوحّد تزيد احتمالية إنجاب طفل آخر مصاب. الإصابة بنوعٍ من الاعتلالات الجينية أو الكروموسومية كالتصلب الحدبي (بالإنجليزية: Sclerosis tuberosa) أو متلازمة الكروموسوم إكس الهش (بالإنجليزية: Fragile X Syndrome). استخدام بعض أنواع الأدوية خلال فترة الحمل مثل حمض الفالبرويك (بالإنجليزية: Valproic acid) والثاليدوميد (بالإنجليزية: Thalidomide). الإنجاب على أعمار متقدّمة في السن. الجنس؛ إذ يُعدّ الذكور أكثر عُرضة للإصابة بالتوحد مقارنة بالإناث.[٧] علاج التوحد حتى الآن لا يوجد علاج شافٍ بشكلٍ تامٍ من التوحد، إذ تهدف العلاجات الحالية للتوحد إلى تخفيف أعراض المرض قدر المستطاع، وتحسين قدرات الطفل السلوكية والاجتماعية، وفي حقيقة الأمر إنّ العلاج المطلوب قد يختلف من طفلٍ إلى آخر وذلك حسب حالته، ولكن يُوصى بالبدء المبكر في العلاج، بالأخص بدءاً من مرحلة ما قبل دخول المدرسة لمنح الطفل المهارات اللازمة للتواصل، ويرتكز العلاج على عدة برامج نذكر منها ما يلي:[٨] برامج مكثفة من العلاج السلوكي والتواصلي (بالإنجليزية: Behavioral and communication Therapy)، وتساعد على تطوير مهارات الطفل، وتحسين سلوكه، وتواصله مع الأخرين. العلاج التربويّ التعليمي (بالإنجليزية: Educational therapies)، وذلك من خلال تطبيق برامج تعليمية منظمة تحت إشراف متخصصين في هذا المجال وتتضمن القيام بالعديد من الأنشطة لتعليم الطفل وتطوير قدراته. العلاج الأسري، والذي يتم من خلال إرشاد أفراد العائلة إلى طريقة التعامل الصحيحة مع الطفل، والتواصل معه، ومساعدته على القيام بأنشطته اليومية. العلاج الدوائيّ، لا توجد أدوية حالياً لحلّ الأعراض الرئيسية للتوحد، ولكن هناك بعض الخيارات الدوائية التي يمكن استخدامها للتخفيف من بعض الأعراض التي قد ترافق المرض والسيطرة عليها؛ ومثال ذلك إعطاء الطفل أدوية للتقليل من فرط النشاط إذا كان يعاني منه، أو مضادات الاكتئاب (بالإنجليزية: Antidepressant drugs) في حال معاناته من القلق، أو مضادات الذهان (بالإنجليزية: Antipsychotics) إذا وُجدت مشاكل سلوكية شديدة عند الطفل. كما أنّ هناك العديد من العلاجات التكميلية التي قد تُطَبَق بالإضافة إلى العلاجات السابقة ونذكر منها ما يلي:[٨] العلاج بالفن (بالإنجليزية: Creative therapies)؛ من خلال التركيز على استخدام الموسيقى وغيرها من الفنون بهدف تقليل تحسّس الطفل للّمس أو الصوت. العلاج بالتدليك (بالإنجليزية: Massage)، ولكن لا توجد أدلة كافية على قدرته على تخفيف أعراض التوحّد. تربية الحيوانات الأليفة (بالإنجليزية: Pet therapy)، حيث إنّ اقتناء حيوان أليف قد يطور مفهوم الصداقة لدى الطفل، ولكن لا توجد أدلة كافية على فائدته في تخفيف أعراض المصاب. علاج التكامل الحسي (بالإنجليزية: Sensory-based therapies). فيديو عن تشخيص مرض التوحد