واجه جورج بانج، صاحب كشك لبيع الآيسكريم خلال المعرض الدولي في سانت لويس بولاية لويزيانا الأمريكية عام 1904 مشكلة كبيرة تتجسّد في نفاد علب الآيسكريم إثر تدفق الزبائن بشكل غير اعتيادي على كشكه. وبّخته
زوجته بسبب عدم تقديره لحجم الإقبال على الكشك في أثناء المعرض وعدم جلبه أعداداً كبيرة من العلب الفارغة تواكب الطلبات المنتظرة.
غادرت
زوجته الكشك بعد أن احتدم الخلاف بينهما حينما شعرت أن زوجها أهدر فرصة ثمينة لزيادة دخلهما. نشبت في أعماق جورج نار مستعرة رغم أنه كان يقف أمام ثلاجة الآيسكريم الباردة.
لم يكن أمامه خيار سوى البحث عن بديل للعلب غير المتوافرة كون شرائها يتطلب انتظاراً يمتد إلى أكثر من أسبوع. كما أن جورج لن يستطيع أن يغلق الكشك ويقفل عائداً إلى منزله؛ لأن
زوجته ستستقبله بعتاب لا ينضب ولوم لن يتوقف.
كان الحل الوحيد أمامه أن يلف كرات الآيسكريم على شرائح بسكويت الوافل،
الذي يبيعه هو الآخر. فوجئ جورج بقبول الزبائن لهذا الخيار الجديد، بل تفضيله لاحقاً على العلب التقليدية. فسارع جورج إلى تسجيله كاختراع جديد أسهم في ذيوع اسمه وافتتاحه متاجر متخصّصة لبيع الآيسكريم بالبسكويت.
الطريف أن جورج كان يعزو نجاجه في اختراع كوز الآيسكريم “آيسكريم
بالبسكويت ذو شكل مخروطي” إلى حدة زوجته. فهو يؤمن أن انفعال
زوجته بسبب إهماله دفعه إلى البحث عن حل يساعده على مواجهة المشكلة، التي تسبّب فيها. يعتقد جورج لو أن
زوجته تعاملت بتسامح مع خطئه فربما لم يفكر في أي حل آخر. سيغلق الكشك ويعود إلى المنزل ليسترخي.
إن أغلب النجاحات جاءت من رحم المعاناة ونتيجة الضغوط والإلحاح والشقاء، فكلما كنت في مأزق عملت بكل مثابرة للخروج منه. ومن هنا جاءت أهم الاختراعات ما كبر منها وما صغر. الحاجة أم الاختراع.
تهبنا ظروفنا الصعبة حلولا تسعدنا وتسعد غيرنا.
وحدها التحديات تصنع النتائج المذهلة والاستثنائية. لو كان كل المخترعين والرياديين ينعمون برفاهية مطلقة دون عقبات وعوائق وحوافز، لا أعتقد اننا سنتمكن من مصافحة منتجات مثيرة للمتعة والدهشة معاً.
نسيء التقدير مراراً عندما نظن أن الأجواء الحالمة تلهمنا وتحرّضنا على الإبداع. ثمة ضغوط شديدة تشعل شرارة الأفكار غير التقليدية. أشهى الأطعمة تستوي على درجة حرارة عالية.