لقد أستعنت بالقصص من شيخ الاسلام إبن تيمية رحمه الله تعالى
من مجلد البداية والنهاية
ومن الطبراني ومن سيرة الصحابة رضي الله عنهم أجمعين لمجموعة من العلماء رحمهم الله تعالى
لا يخفى على كل منصف أننا في زمان تيسرت فيه الشهوات والشبهات بما لم تتيسر فيه من قبل،
فالفضائيات والإنترنت وغيرها من القنوات التقنية أفسحت الميدان لكل من هب ودب
لأن ينشر سمومه ويبث انحرافاته السلوكية والفكرية،
إضافة إلى ذلك هذا التيار الجارف من المادية الذي يعلى المحسوس والمشاهد على المغيب.
ويقدس اللذة على حساب الفضيلة، حتى بتنا نسمع بعض الدعوات
بإغلاق الكليات الشرعية لأن سوق العمل صار لا يحتاجها،
وأن الفقه الإسلامي هو فقه البداوة الذي لا يصلح لعصرنا،
فهو مجرد تراث لا منهج .. في محاولة لعزل الأمة عن إيمانياتها وعقيدتها وتاريخها
كل هذا الطوفان بات لا يبشر بخير، فلقد أطلت الفتن برؤوسها بما لا سابق عهد لها به،
وزلزلت الكثيرين من ضعاف العلم والإيمان، خاصة مع قلة العلماء الأفذاذ
الذين يحرسون بيضة الدين وينفون عنه ينفون عنه تحريف الغالين،
وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.
فتنة قديمة:
الزلل آفة سلوكية وفتنة قديمة قدم البشرية ذاتها،
خاصة وأن التكاليف تحمل في طياتها نوعا من المشقة والصرامة
بعكس الشهوات التي تهفو لها النفس الأمارة بالسوء،
ولقد حدثنا القرآن الكريم عن توغل هذه الكبوة في تاريخ البشرية،
فقال تعالى:
{إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ
مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ
لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ}[القصص:76].
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ
فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ
وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث
ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}
[الأعراف: 175-].
{وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}
[آل عمران:72]
أي يرجعون عن دينهم إذ يقولون ما رجع هؤلاء عنه بعد دخولهم فيه وهم أولو علم إلا لعلمهم بطلانه.
{وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ
وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً}
[الإسراء:73-74].
والنماذج والمواقف أكثر وأشهر من أن تذكر ..
قال تعالى:
{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً}
[الأحزاب:23].
فتحية إجلال وإكبار لأصحاب المبادئ الثابتون على الحق ثبات الجبال،
الباذلون في سبيل ثوابتهم الغالي والنفيس، الواثقون بما عند الله تعالى أنه خير وأبقى للأبرار
وعلى النقيض احتفظ تاريخنا وعصرنا بكم ضخم من سير من أوغلوا في النفاق بل الكفر،
والفرق بين زماننا وزمانهم أن المنهل العذب لنهر الإسلام كان يومها صافيا،
ولم يكن يضرّه كثيرًا أن يبول *** أو خنزير فيه، لكن عندما يكون الماء راكدًا،
وليس لدينا سواه، ونحن تائهون في البيداء وفي الهجير
فكيف نسمح للكلاب أن تبول في مائنا الأخير؟
فاللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك،
ويا مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك