04-08-2021, 08:53 AM
|
|
|
|
شرح حديث أبي هريرة: "لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة"
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(لَتُؤَدَّنَّ الحقوقُ إلى أهلها يوم القيامة، حتى يُقادَ للشاةِ الجَلْحاءِ من الشاة القَرْناءِ)؛ رواه مسلم.
قال سَماحةُ العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
في هذا الحديث أقسَمَ النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الصادق المصدَّق بغير قَسَمٍ
أقسَمَ أن الحقوق ستُؤدَّى إلى أهلها يوم القيامة، ولا يضيع لأحد حقٌّ.
الحقُّ الذي لك إن لم تستوفِه في الدنيا استوفيتَه في الآخرة ولا بد، حتى إنه
يُقتَصُّ للشاة الجَلْحاء من الشاة القَرْناء.
الجَلْحاءُ: التي ليس لها قرن.
والقَرْناءُ: التي لها قرن.
والغالب أن التي لها قرن إذا ناطَحَتِ الجَلْحاءَ التي ليس لها قرن تؤذيها أكثرَ
فإذا كان يوم القيامة قضى الله بين هاتين الشاتين، واقتَصَّ للشاة الجلحاء من الشاة القرناء.
هذا وهي بهائم لا يَعقِلْنَ ولا يفهمن؛ لكن الله عزَّ وجلَّ حَكَمٌ عدل، أراد أن يُري
عبادَه كمالَ عدله حتى في البهائم العجم، فكيف ببني آدم؟!
وفي هذا الحديث دليلٌ على أن البهائم تُحشر يوم القيامة، وهو كذلك، وتُحشر الدوابُّ، وكل ما فيه روح
يحشر يوم القيامة، قال الله تعالى: { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ } [الأنعام: 38]
أمم كثيرة، أمة الذر، أمة الطيور، أمة السباع، أمة الحيّات وهكذا
{ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ } [الأنعام: 38].
وكل شيء مكتوب، حتى أعمال البهائم والحشرات مكتوبةٌ في اللوح المحفوظ
{ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ } [الأنعام: 38]، وقال تعالى:
{ وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ * وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ } [التكوير: 4، 5]، يُحشر يوم القيامة كلُّ شيء
يقضي الله تعالى بينهم بحكمه وعدله، وهو السميع العليم، يقتص من البهائم بعضِها مع بعض
ومن الآدميِّين بعضهم مع بعض، ومن الجن بعضهم مع بعض، ومن الجن والإنس بعضهم مع بعض
لأن الإنس قد يعتدون على الجن، والجن قد يعتدون على الإنس، فمِن عُدْوانِ الجن على الإنس
الشيءُ الكثير، ومن عدوان الإنس على الجن أن يستجمر الإنسانُ بالعَظْم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم
نهى أن نستنجي بالعظام وقال: (إنها زادُ إخوانكم من الجن)، الجن يجدون العظام، فإذا
استجمر أحد بها فقد اعتدى عليهم وكدَّرها عليهم، ويُخشى أن يؤذُوه إذا أذاهم بها.
على كل حال، ففي يوم القيامة يُقتص للمظلوم من الظالم، ويؤخذ من حسنات الظالم
إلا إذا نفَدَتْ حسناتُه، فيؤخذ من سيئات المظلوم فتُطرح عليه؛ قال النبي عليه الصلاة والسلام:
(مَن تعُدُّونَ المُفلِسَ فيكم؟) - أي الذي ليس عنده شيء - قالوا: المفلس من لا درهم عنده ولا متاع
قال: (المفلس من يأتي يوم القيامة بحسنات مثل الجبال، فيأتي وقد ضرب هذا، وشتَمَ هذا
وأخَذ مال هذا، وسفَك دم هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن بقي
من حسناته شيء، وإلا أُخِذ من سيئاتهم فطُرحت عليه، ثم طُرح في النار).
لا بد أن يُقتَصَّ للمظلوم من الظالم، ولكن إذا أخَذ المظلوم بحقِّه في الدنيا، فدعا على الظالم
بقدر مَظلِمَتِه، واستجاب الله دعاءه فيه، فقد اقتَصَّ لنفسه قبل أن يموت؛ لأن النبي
صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ: (واتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب).
فإذا دعا المظلوم على ظالمه في الدنيا واستُجيب لدعائه، فقد اقتَصَّ منه في الدنيا
أما إذا سكت فلم يدعُ عليه ولم يعفُ عنه، فإنه يُقتصُّ له منه يوم القيامة، والله المستعان.
المصدر: «شرح رياض الصالحين» (2/ 487 - 490)
سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
avp p]de Hfd ivdvm: "gjc]k hgpr,r Ygn Higih d,l hgrdhlm"
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
3 أعضاء قالوا شكراً لـ شموع الحب على المشاركة المفيدة:
|
|
04-08-2021, 09:25 AM
|
#2
|
رد: شرح حديث أبي هريرة: "لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة"
جزاتس الله خير غلاتي
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
| |