,،،
تتعدد مصادر النعم التي حبانا بها الله سبحانه وتعالى؛ فمنها ما يكون في النفس والثمرات والمال والصحة والولد... وغيرها الكثير، ومنها ما يتعدى ذلك إلى النواحي النفسية والروحية؛ كالشعور بالرضا والقناعة والسكينة ومحبة الآخرين أيضاً على سبيل المثال لا الحصر؛ قال تعالى: {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّـهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} [النحل: 18].
وللعلم فإن الله تعالى قد وزّع هذه الأرزاق بين عباده بالعدل، وأَسْبَغ علينا نعمه الظاهرة والباطنة، ابتداءً بنعمة الدين التي يجب أن نحمد الله ونشكره عليها غاية الشكر؛ لكونها من أجلّ النعم وأعظمها، والتي عاقبتها الجنة والنجاة من النار والضلال، وحتى نعمة اللسان والبيان التي نستطيع من خلالها التواصل مع الآخرين والكلام وتذوق الطعام، والتي لم تعطَ وغيرها من النعم إلا للإنسان؛ تكليفاً وإكراماً منه سبحانه. وبجانب نعمة السمع والبصر كان العقل موهبة الله المعجزة، والتي صنعت الابتكارات والحضارات على مدى تاريخ البشرية، وحريٌّ بالإنسان شكر ربه على هذه
النعمة التي لم توهب إلا له، حيث لو نظرنا كيف لا يزال الطير ينسج عشه والضب يدخل جحره على مر العصور والأزمان، في حين أن الإنسان الذي ميّزه الله بالعقل هو الكائن الوحيد على الأرض الذي بنى وطوّر وصنع وغيّر؛ فالحمد لله حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه على كل النعم والعطايا.
وتعريجاً على الرزق المادي؛ فقد أسبغ الله به على خلقه بتفاوت ملحوظ؛ لحكمة بالغة، وقال في ذلك سبحانه: {
أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} [الزخرف: 32].
ومن هنا نستخلص أن الفقير قد يكون سبباً في دخول الغني الجنة؛ من خلال تسخير بعضهم لبعض في المعيشة والعطاء والصدقة والزكاة، وفي كليهما ابتلاء؛ فالغني يجب أن يشكر الله على غناه من خلال إنفاقه وفق ما أمره الله به، في حين أن الفقير يتوجب عليه الصبر والثناء لله دون أن يحسد أو يتمنى زوال
النعمة لغيره. ولو آمنا بأن الارزاق بيد الخلاق، وحمدنا الله على أي وضع نحن عليه، ودعوناه بإخلاص في الرزق، فحتما لن يكون هناك حرمان من رب رحمته وسعت كل شيء.
كما أن الصدقة من أجلّ الطاعات التي قد تقدّم كبرهان شكر لله تعالى على حصول نعمة أو دفع نقمة. وأقترح من هنا أن يكون في كل منزل حصالة يوضع فيها يومياً مبلغ مادي، ولو كان زهيداً كريال واحد فقط، والمحافظة على هذا السلوك وتعليمه الأبناء، وستجدون بإذن الله الخير والرزق الوفير ليس فقط في المال، وإنما حتى في الأولاد والراحة والبركة في كل زوايا حياتكم.
وشكر النعم يستلزم قول كلمة "الحمد لله" في كل وقت وحين في اليوم والليلة، وعند حدوث ما نحب وما نكره أيضاً؛ حتى لا نكون من الذين وصفهم الله تعالى بقوله: {
وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: 13].. كما أن شكر الآخرين ممن جعلهم الله سبباً في مساعدتك لهو من شكر الله سبحانه وتعالى لقوله تعالى: { وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: 237].
وإن أردتم زيادة النعم وتدافع النقم فكونوا دوماً من الحامدين الشاكرين في السراء والضراء.
ذكرى/
{
وَلَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}.