عزيزي المسلم، صدقًا لو علمت
الفرق بين نتيجة
اختياراتك واختيارات الله عز وجل لك، لسجدت لله شكرًا على كل شيء منعه عنك، فاختيار
الله تعالى للعبد خير من اختياره لنفسه، ذلك أن الدنيا بأسرها لا تساوي عند
الله جناح بعوضة.
والغني ليس في كثرة المال، وكذلك السعادة ليست في ذلك، وإنما الحق هو ما نطق به الصادق المصدوق صلوات
الله وسلامه عليه حيث قال: «ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس»، وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام في حديث آخر: «إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن، ولمن ابتلي فصبر».
عزيزي المسلم، ليتك تنسى كلمة (لو)، لأنها مفتاح للشيطان، ولأنها لن تحل لك مشاكلك، وإنما اللجوء إلى
الله عز وجل هو الأساس لكل حل أي مشكلة مهما كانت، ولأن اختبار
الله وقع، والمؤمن الموقن في
الله يرضى بما كتب
الله له، في كل أحواله، فهو سبحانه أرحم بك منك ومن أمك التي ولدتك، ولكن الإنسان لا يدرك ذلك لأنه بطبعه ظلوم جهول، فهو لا يعلم ما هو الأصلح له في العاجل والآجل معا، فقد يتمنى العبد شيئا وفيه هلكته، وقد يكره شيئا وفيه منفعته.
ولذلك قال تعالى: «وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ» (البقرة: 216)، وقال أيضًا سبحانه وتعالى: «فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً» (النساء: 19)، فتلمس عزيزي المسلم، رحمة
الله بك في قضائه لك، ولتدع عنك وسوسة الشيطان.
المؤمن الحق يرى في اختيار
الله مهما كان أنه الخير كله، ذلك أنه يوقن في
الله عز وجل واختياراته له.
عن أبي يحيى صهيب بن سنان رضي
الله عنه، قال: قال رسول
الله صلى
الله عليه وسلم: «عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له».
ثم ما يدريك عزيزي المسلم، إلى أي حال تصير لو وصلت إليك ما كنت تتمناه، ولم يحدث!.. فالأمر لله تعالى يدبره بعلمه وحكمته، وقد قال تعالى: «وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ» (الشورى/27).
ثم لو قدر أن حرمانك مما تحب حصوله ابتلاء ومحنة، فاعلم أن الآخرة خير وأبقى، وأن الجزاء فيها هو الجزاء الأوفى، قال صلى
الله عليه وسلم: «إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن
الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط».